مقال

فاستحبوا العمى على الهدى

جريدة الأضواء المصرية

فاستحبوا العمى على الهدى
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 30 أكتوبر 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، حين يذكر الاستهزاء بالدين وأهله يتبادر إلى الذهن سؤال بتعجب لماذا هذا الاستهزاء ؟ ولماذا هذه السخرية ؟ ألسنا على الحق ؟ ألسنا من استجاب لداعي الله وآمن به ؟ فلماذا يسخر الناس بنا وبديننا ؟ وللإجابة على ذلك أقول إن للإستهزاء بواعث وعوامل انطوت على نفوس الهازلين الساخرين لعل من أهم هذه البواعث والأسباب هو الكره والحقد من الملأ لهذا الدين العظيم، فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الإسلام طريقا وحيدا فريدا لصلاح الدنيا والآخرة فقال تعالي.

” وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون ” فهذا الدين ينشئ الحياة من جديد، نشأة فريدة على نمط فريد عما عهده الناس، فإنه يقلب موازين الجاهلية لينشئ بإذن الله تعالي في هذه الحياة أمة متميزة في كل شئ، متميزة في فكرها وشعورها وسلوكها وموازينها ومن ثم فإن هذا الأمر لن تقابله الجاهلية في القديم أو الحديث بسهولة وترحاب، كلا بل ستعانده وتقاومه بكل ما أوتيت من قوة ، وبكل حقد وكراهية، وإنها تفعل ذلك وهي عالمة بما فيه من الحق والخير وبأنه هو الذي يقوّم ما أعوج من شؤون الحياة وتكرهه لأنها حريصة على هذا العوج لا تريد تقويمه وتود أن تبقى الأمور على إعوجاجها ولا تستقيم، تكرهه لأنها هي الجاهلية وهو الإسلام.

وقال تعالى “وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى” وكما قال تعالي في سورة الأعراف ” لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قال الملأ من قومه إنا لنراك في ظلال مبين” كما قال تعالي “وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة” وكما قال تعالي ” ولوطا إذا قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون، وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ” وإن هذا الكره الذي تصبه الجاهلية على دين الله تعالي وعلى الملتزمين به.

نابع من خشيتها على كيانها ومصالحها وشهواتها وإنحرافاتها من النور الجديد، فهي تحس في دخيلة نفسها مقدار ما إنحرفت عن الحق وحكمت الهوى وإستسلمت للشهوات وتحس مقدار ما تحرمها العقيدة الصحيحة حين تحكم الأرض من مصالح ومنافع وشهوات اختلستها اختلاسا في غيبة النور ويستوي في ذلك الذين إستكبروا والذين هم مستضعفون فلكل في الجاهلية مصالح ومنافع وشهوات يحرص عليها، وحين أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس بهذا الدين حرر الناس من عبودية البشر وعبّدوا لله الواحد الأحد ومن ثم أصبح الولاء لله وحده وليس للعشيرة أو القبيلة كما كان ولاء الجاهلية، هذا الأمر قد أزعج الملأ الذين يريدون أن يكون الولاء لأشخاصهم وليس لله وحده.

ويأتي بعد الملأ طبقات متعددة من الأمة تكره هذا الدين وتستخدم سلاح السخرية والإستهزاء لمعارضة هذا الدين وأهله ومن هؤلاء كتاب وقصاصون وإذاعيون وفنانون ونساء فاجرات متحررات من كل فضيلة وأصحاب خمور ومخدرات وغيرهم وغيرهم، يفعلون ذلك لأن عملهم قائم على التجارة المحرمة التي إذا قام دين الله جفف ذلك المستنقع القذر الذي يعيشون في وحله ويتكاثرون في دنسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى