مقال

الحياة الطيبة والتوكل علي الله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحياة الطيبة والتوكل علي الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري 

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده وعلى آله وصحبه وجنده، الذي كان من مواقفه صلى الله عليه وسلم في وفائه مع أعدائه هو موقفه مع حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأبيه في غزوة بدر، فعن حذيفة رضي الله عنه قال ” ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حُسيل، فأخذنا كفار قريش، قالوا إنكم تريدون محمدا؟ فقلنا ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقَه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فقال انصرفا، نفي بعهدهم، ونستعين الله عليهم ” رواه مسلم، وقال المناوي ” انصرفا، نفي بعهدهم” أمر لحذيفة وأبيه بالوفاء للمشركين بما عاهدوهما عليه حين أخذوهما وأخذوا عليهما أن لا يقاتلوهما يوم بدر، فاعتذرا للنبي صلى الله عليه وسلم.

فقبل عذرهما وأمرهما بالوفاء “ونستعين الله عليهم” أي على قتالهم، فإنما النصر من عند الله لا بكثرة عدد ولا عدد، وقد أعانه الله تعالى وكانت واقعة بدر، أعز الله بها الإسلام وأهله” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد فإن من أسباب الحياة الطيبة هو التوكل على الله، فقال تعالى فى سورة الطلاق “ومن يتوكل على الله فهو حسبه” وحُسن الظن بالله تعالى يدعو العبد إلى التوكل عليه، فلا يتصور التوكل على من ساء ظنك به، ولا التوكل على من لا ترجوه، والله تعالى تكفل لمن توكل عليه بالكفاية التامة، والهداية والوقاية، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ” 

والغبن أن يشتري المرء بأغلى من الثمن المعتاد، أو يبيع دونه، فمن صح بدنه، وتفرغ من الأشغال العائقة، ولم يسع لصالح آخرته، فهو كالمغبون في البيع، والمقصود من الحديث أن غالب الناس لا ينتفعون بالصحة والفراغ، بل يصرفونهما في غير محالهما، وقال ابن الجوزي رحمه الله “قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا لانشغاله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة، فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله، فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله، فهو المغبون لأن الفراغَ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم، ولو لم يكن إلا الهرم، لكفى” وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال”لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال، عن عمره، فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به” رواه الطبراني والبزار، وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يرحم الله من لا يرحم الناس” رواه البخاري، وكلمة الناس تشمل كل أحد من الناس، دون اعتبار لجنسهم أو دينهم، وقد ساق البخاري في باب رحمة الناس والبهائم حديث النبي صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم غرس غرسا فأكل منه إنسان أو دابة إلا كان له صدقة” ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية ” الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى هدى ورحمة للعالمين، فإنه كما أرسله بالعلم والهدى والبراهين العقلية والسمعية، فإنه أرسله بالإحسان إلى الناس، والرحمة لهم بلا عوض، وبالصبر على أذاهم “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى