مقال

رحمة الإسلام ومشاعر الإنسان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رحمة الإسلام ومشاعر الإنسان

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، الذي كانت رحمتة صلى الله عليه وسلم أنه كان يحذرنا من أسباب عذاب القبر بل مر ذات يوم على قبرين يعذبان فدعا بجريدة رطبة وشقها نصفين رجاء أن يخفف عنهما العذاب، وفي هذا الموقف لا تصل فقط إلا الطائعين والمتقين وإنما تصل إلى عصاة ومذنبين، فكما عرفنا بأصحاب القبر الذين كانا يعذبان، وما يعذبان في كبير، فالأول كان يمشي بالنميمة والآخر كان لا يستتر من بوله وبالتالي لا تستقيم صلاته ومع ذلك فقلبه يتحرك لهما ويضع جريدة رطبة على قبرهما راجيا من الله أن يخفف عنهما، فإنها الرحمة في أروع وأبهى صورها، وصدق رب العالمين إذ يقول ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”

 

فكان هذا خوفه صلي الله عليه وسلم على الميت من العذاب، ومن صور رحمته صلى الله عليهم وسلم بأمته في عرصات يوم القيامة انه يقول أمتي، أمتي، وهي كلمة يقولها النبي صلى الله عليهم وسلم في موقف ينشغل كل امرئ فيه بنفسه، فإنها رحمة عجيبة، تستحق الوقوف أمامها طويلا، فيا لها من رحمة تذيب ذا العقل الراجح خجلا حين يدرك معناها، فالكل منشغل بنفسه، فالأم لا يهمها وليدها، والخليل يتخلى عن خليله، والأنبياء يرفضون التوسل إلى الله من أجل البشر، بل ينشغلون بأنفسهم، وما هم فيه من هول موقف يوم الدين، أما نبينا صلى الله عليهم وسلم فيقول يا رب أمتي أمتي، ومن رحمته صلى الله عليهم وسلم بنا أن ادخر دعوته شفاعة لأمته يوم القيامة، وهذا من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته.

 

واعتنائه بمصالحهم واهتمامه بأمرهم، فيقول صلى الله عليهم وسلم ” جعل لكل نبي دعوة مستجابة في أمته فكل من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام نالها في الدنيا وأنا ما نلتها فيها حيث دعوت على بعض أمتي لي ليس لك من الأمر شئ فبقيت تلك الدعوة مدخرة في الآخرة ودعاؤه على مضر ليس للإهلاك بل للارتداع” أما بعد فإنه يتكون الإنسان من مجموغة من المشاعر والأحاسيس، وإن هذه المشاعر والأحاسيس تتأثر بما يعايشه الإنسان في واقعه، فنجد أن الناس في الزمن الأول كانوا يعيشون مع ما خلق الله عز وجل في هذه ا لحياة من حيوان وأشجار، وبحار وأنهار، وطيور وأزهار، ويعيشون مع الغلظة والجفوة، كذلك فيعشون في الجبال ويعشون في الصحاري الحارة القاسية من أجل ذلك وجدت نوعين من المشاعر.

 

فمشاعر الذين يعيشون في الطبيعة الرقيقة ترق مشاعرهم، ولك أن تقرأ وتتصفح دواوين الشعراء الذين عاشوا في البيئة الخضراء مع الأنهار والأطيار والأشجار، تجد مشاعرهم تطفو وتظهر على أشعارهم وعلى نثرهم، وتجد أن أشعارهم كلها تضفي على القارئ التفاؤل وتعطيه البهجة وتعطيه السرور، بخلاف الذين عاشوا في الحروب وعاشوا في الجبال وعاشوا في الصحاري فتجد وتحس وتلمس وتشعر بالجفوة والقسوة في أشعارهم، هكذا نبينا الكريم عليه صلاة الله وسلامه حث على أن تكون هذه المشاعر مشاعر رقيقة ومشاعر عالية ليس فيها جفوة وليس فيها غلظة، فالإسلام كله رحمة لم يأت بالغلظة أبدا، فلا يعرف الإسلام الغلظة المقيتة أبدا حتى في قتل الإنسان أو إقامة الحد عليه أو حتى في الحروب كل ذلك مراعاة للمشاعر، فمشاعر الأكثر لا بد أن تراعى وإن كان على حساب مشاعر أولئك الأشرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى