مقال

نفحات إيمانية ومع المهلب بن أبى صفره الأزدي “جزء 9”

نفحات إيمانية ومع المهلب بن أبى صفره الأزدي “جزء 9”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع المهلب بن أبى صفره الأزدي، وأما عن المهلب بن أبى صفره، فقد خرج المهلب بن أبي صفرة للغزو مع والي خراسان الجديد سلم بن زياد في زمن يزيد بن معاوية، وذلك عام واحد وستين من الهجرة، وقد أورد خروجه معه كل من ابن الأثير وابن أعثم، وتجهز سلم في جحفل عظيم ليغزو بلاد الترك، وكان المسلمون قبل ذلك لا يشتون في تلك البلاد فشتى بها سلم بن زياد وبعث المهلب بن أبى صفرة إلى خوارزم، وهى إحدى مدن الترك، فحاصرهم حتى صالحوه على مبلغ كبير، وكان يأخذ منهم عروضا عوضا، فيأخذ الشيء بنصف قيمته، فبلغت قيمة ما أخذ منهم خمسين ألف ألف، فحظى بذلك المهلب عند سلم بن زياد.

 

وتعتبر تلك الغزوة بداية انتصارات كبيرة حققها المسلمون في نواحي سمرقند حتى تمكنوا من هزيمة خاتون ملكة بخارى والتى كانت قد تحالفت مع طرخون ملك الصغد محاولة للتصدي للمسلمين، إلا أن المسلمين تمكنوا في نهاية الأمر من تحقيق النصر مما جعلها تضطر لطلب الصلح معهم، فصالحوها على أموال كبيرة دفعتها لهم، وكان بعد وفاة يزيد بن معاوية قد اختلف الناس بخراسان ونكثوا بيعة واليها سلم، وقال الطبري، أنه خرج سلم عن خراسان وخلف عليها المهلب بن أبي صفرة، فلما كان بسرخس لقيه سليمان بن مرثد وهو أحد بني قيس بن ثعلبة، فقال له، من خلفت على خراسان؟ قال المهلب، فقال له هل ضاقت عليك نزار؟

 

حتى وليت رجلا من أهل اليمن، فولاه مرو الروذ والفارياب والطالقان والجوزجان، وولى أوس بن ثعلبة بن زفر هراة، ومضى فلما صار بنيسابور لقيه عبد الله بن خازم فقال له من وليت خراسان؟ فأخبره، فقال له أما وجدت في مضر رجلا تستعمله حتى فرقت خراسان بين بكر بن وائل ومزون عمان، وقال له اكتب لي عهدا على خراسان، فقال، أوالي خراسان أنا، قال اكتب لي عهدا وخلاك ذم، قال فكتب له عهدا على خراسان، قال فأعني الآن بمائة ألف درهم فأمر له بها، وأقبل إلى مرو، وبلغ الخبر المهلب بن أبي صفرة، فأقبل واستخلف رجلا من بني جشم بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وقد وردت هذه الرواية لدى ابن الأثير، والذهبي.

 

وهي توضح لنا مدى الفوضى والفراغ السياسي في الدولة بعد وفاة يزيد بن معاوية، مما أسهم في اضطراب أقاليم الأطراف أكثر فأكثر، وتأجج العصبية القبلية في البلاد عامة، وفي خراسان على وجه التحديد، ورفض القيسية قبول إمارة اليمانية، ونتيجة للأوضاع المضطربة أولا، ورغبة من المهلب أن ينأى بنفسه عن الصراعات القبلية ثانيا، فقد ترك خراسان بعد أن استخلف عليها وعاد إلى البصرة، وكان بعد وفاة الخليفه يزيد بن معاوية سنة أربعه وستين من الهجره، فقد طالب عبد الله بن الزبير بالخلافة ودعا إلى نفسه، فبايعه أهل الحجاز وأتته بيعة الكوفة والبصرة وخراسان واليمن ومعظم الشام، وفي سنة خمسه وستين من الهجره.

 

قد عهد ابن الزبير إلى المهلب بولاية خراسان بعد أن زاره في مكة، وعند وصول المهلب إلى البصرة، وهو في طريقه لخراسان كانت المنطقة تعاني من هجمات متزايدة قام بها الأزارقة مستغلين أوضاع البلاد، وفي ذلك الوقت كانت تشكل خطرا كبيرا على الدولة، وكانت الأزارقة من أشد فرقهم بقيادة نافع بن الأزرق، والذي انضم مع أصحابه إلى ثورة ابن الزبير ثم فارقوه عندما لم يجدوه على رأيهم، وقد انتشر الخوارج في البصرة والأهواز وما وراء بلاد فارس حتى عظم أمرهم، ولما وصلت أخبار توجه الأزارقة إلى البصرة، أصاب أهلها الهلع، فرحل كثير منهم ولجأ قسم إلى الأحنف بن قيس لإنقاذ الأمر الذي ذهب بدوره إلى والي البصرة الحارث بن عبد الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى