نفحات إيمانية ومع أهمية مكارم الأخلاق ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع أهمية مكارم الأخلاق ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــروى
ونكمل الجزء الخامس مع أهمية مكارم الأخلاق، فعن ابن مسعود رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس ” وإنه يقابل اللين والرفق، الغضب والفحش في القول وما يرافق تلك الحالة من السب والشتم واللعن والتشاؤم، وكل تلك الصفات مكروهة بغيضة من الله سبحانه ومن خلقه، وإن من مكارم الأخلاق هو إنظار المعسر، وإن إنظار المعسر، أو التجاوز عن القرض أو عن جزء منه، وهى صورة عظمية من صور الكرم وسماحة النفس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه” رواه البخاري.
بل إن توفيق الدنيا والآخرة مرهون بتيسيرك على أخيك المعسر فقل صلى الله عليه وسلم ” من يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة” رواه مسلم، وكذلك أيضا رد القرض بأحسن منه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يردّ القرض بخير منه وبالزيادة فيه، ويقول صلى الله عليه وسلم “أعطه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء” رواه محمد بن ماجه ، وما ترك صلى الله عليه وسلم صاحب القرض يمضي إلا وهو راض، وكذلك السماحة مع الشريك، كما شهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم شريكه في التجارة قبل البعثة السائب بن عبد الله بقوله له ” كنت شريكي في الجاهلية، فكنت خير شريك، كنت لا تداريني ولا تماريني ” رواه ابن ماجه.
أي بمعنى كنت لا تدافعني في أمر ولا تجادلني، بل كنت شريكا موافقا، ولم ينسها له، وكانت سببا من أسباب محبته له، وتكون سببا من أسباب النجاة من النار لمن تخلق بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “حرم على النار كل هيِّن ليِّن سهل، قريب من الناس” رواه أحمد، وكذلك رفع الحرج عن الناس، فإن صاحب السماحة لا يحرص على إيقاع الناس في الحرج، ولا يشغله التفكير بما له عن التفكير بما عليه من سماحة مع إخوانه وتقدير لظروفهم، وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أن الصحابي أبا اليسر رضي الله عنه كان له على رجل قرض، فلما ذهب لاستيفاء حقه اختبأ الغريم في داره، لئلا يلقى أبا اليسر، وهو لا يملك السداد.
فلما علم أبو اليسر أن صاحبه يتخفى منه حياء لعدم تمكنه من أداء ما عليه، أتى بصحيفة القرض فمحاها، وقال ” إن وجدت قضاء فاقض، وإلا فأنت في حلّ ” رواه مسلم، وبسماحته تلك أخرج أخاه من الحرج الشديد، وكذلك السماحة مع من أساء، وإن من أبرز مواقف السماحة ما يكون مع من أساء إليك، كالذي جرى مع الصحابى الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين أقسم ألا ينفق على مسطح بن أثاثة، لتورطه في حديث الإفك مع ابنته الشريفه العفيفه السيدة عائشه رضى الله عنها، فأمره الله تعالى أن يعفو ويصفح، فكفر عن يمينه، وعاد ينفق عليه، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ارحموا تُرحموا، واغفروا يغفر لكم” فى صحيح الجامع.
وقد وصف الله تعالى عباده المؤمنين بأنهم ” والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون ” وكذلك أيضا السماحة بين تهمة العجز أو الفجور، وقد يوسوس الشيطان للمسلم إنك لو تسامحت وصفك الناس بالعجز، وظنوا فيك الضعف، ولأن تؤثر أن يقال فيك ما يقال خير لك من الوقوع في الفجور، بحيث يخشى الناس شرّك، وقد ورد في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” يأتي عليكم زمان يُخيَّر فيه الرجل بين العجز والفجور، فمن أدرك ذلك الزمان فليختر العجز على الفجور” رواه أحمد، وإن من مكارم الأخلاق هو إفشاء السلام، ولقد أوجب الإسلام رد السلام، ورغب في إفشائه في المجتمع، لما في ذلك من نشر الألفة والمحبة بين الناس، وجعله الله سببا للدخول إلى الجنة.