نفحات إيمانية ومع إياكم من الزواج ثم الطلاق ” جزء 4 ”

نفحات إيمانية ومع إياكم من الزواج ثم الطلاق ” جزء 4 ”
ونكمل الجزء الرابع مع إياكم من الزواج ثم الطلاق، وقد رفض سعيد بن المسيب أن يزوج ابنته للوليد بن عبد الملك بن مروان، وغضب عليه عبد الملك بن مروان بسبب ذلك، فلما أبى سعيد بن المسيب جلده مائة سوط، فقد ضربه مائة سوط في يوم بارد، وأبى سعيد بن المسيب أن يقدم فلذة كبده وثمرة فؤاده للوليد بن عبد الملك بن مروان ، وقدمها لطالب علم في حلقته فقير متواضع، إلا أنه وجد فيه التقى، ووجد فيه الصلاح والفلاح، قدمها لـكثير بن أبي وداعة رحمه الله، ويقول كثير بن أبي وداعة كنت ممن يجلس في مجلس سعيد بن المسيب ففقدني أياما، فسألني أين كنت؟ فقلت لقد توفيت أهلي، أي ماتت زوجته وكان متزوجا، فما قال.
هل قال لن أزوجها لرجل قد تزوج قبل ذلك، قال أين كنت؟ قال لقد توفيت أهلي فانشغلت بها، أي ماتت زوجتي فانشغلت بها، فقال سعيد هلا أخبرتنا فشهدناها معك، ثم قال سعيد بن المسيب، هل استحدثت امرأة أخرى، أي هل تزوجت غيرها؟ فقال له كثير بن أبي وداعة، يرحمك الله يا أبا محمد، ومن يزوجني ولا أملك من الدنيا إلا درهما أو درهمين، وفي رواية، إلا درهمين أو ثلاثة، فقال له سعيد بن المسيب أنا أزوجك، قال أوتفعل؟ قال نعم، يقول، فقام سعيد فحمد الله عز وجل وأثنى عليه وصلى على رسول الله، وزوجني ابنته على درهمين، فيقول كثير، فانطلقت إلى بيتي وأنا لا أعلم ماذا أصنع من الفرح، ثم صليت المغرب وعدت إلى داري وكنت صائما.
وقدمت العشاء وكان خبزا وزيتا، وبينما أنا جالس أفكر فيمن أستدين منه، وإذا ببابي يقرع، فقلت من؟ قال سعيد، فيقول، ففكرت في كل أحد اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب، فإنه منذ أربعين سنة لم ير إلا بين مسجده وبيته، ففتحت الباب، فإذا به سعيد بن المسيب فقلت أبا محمد، وظننت أنه قد فكر في شيء آخر وغير رأيه، فقلت، يا أبا محمد هلا أرسلت إلي فآتيك؟ فقال سعيد بن المسيب، لا، أنت أحق أن تؤتى، ثم قال سعيد، يا كثير، لقد فكرت في أمرك، رجل عزب وقد زوجتك، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وإذا بابنته واقفة في طوله من خلفه، فأخذها بيده ودفعها إلى دار كثير بن أبي وداعة ، فأغلق الباب وانصرف، فيقول كثير، فسقطت المرأة من الحياء، كن على حياء.
فيقول فخشيت أن ترى الخبز والزيت، فجعلته وراء الشعلة أي وراء الضوء حتى لا تفتن لأول مرة بعيشته، وصعدت إلى سطح منزلي فناديت على جيراني، فجاءت زوجة من نساء الجيران فدخلت إليها لتؤنسها، ولما علمت أمي بذلك جاءتني وقالت وجهك من وجهي حرام يا كثير إن مسستها قبل ثلاثة أيام، فيقول كثير بن أبي وداعة فتركتها ثلاثة أيام حتى جهزوها وأعدوها، فدخلت عليها فإذا هي من أجمل النساء، ومن أعلمهن ومن أحفظهن لكتاب الله تعالى، وأعلمهن بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهن بحق الزوج، فغبت معها ولم أخرج إلى مجلس سعيد بن المسيب شهرا كاملا، وبعد شهر خرجت إلى سعيد، فلما انفض المجلس اقترب مني وقال كيف حال هذا الإنسان؟
قلت بخير حال، بحال يسر الصديق ويسيء العدو، فقال لي سعيد، خذ عشرين ألف درهم لتستعين بها على حياتك، فلو عقل المغالون في المهور، لبحثوا هم لبناتهم عن الأزواج الأكفاء، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة على عثمان ليتزوجها، ثم على أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما “أن عمر بن الخطاب حين تأيّمت حفصة بنت عمر من خُنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي بالمدينة، فقال عمر بن الخطاب ” أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، فقال سأنظر في أمري، فلبثت ليالي ثم لقيني، فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا.