مقال

نفحات إيمانية ومع الحياة ” الجزء الثانى “

نفحات إيمانية ومع الحياة ” الجزء الثانى ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الحياة، ومن الناس من يصيبهم الضنك في هذا المال، وتصيبهم الشدة وبين أيديهم الأموال، يسارعون في أعمال الدنيا، ولكنك تراهم يقدمون أكل أموال الناس على طاعة الله تبارك وتعالى، هؤلاء لهم موقف بين يديِ الله تعالى ويكفي أن يكون السؤال بين يدى علام الغيوب، الذي لا تخفى عليه خافية، يعلم السر وأخفى، وهذا تفكيرهم ومعنى الحياة الطيبة عندهم، ثم إن هناك صنف آخر يرون أن الحياة الطيبة هي في الحصول على المناصب والجاه، فيسعون إلى ذلك، ويسلكون كل السبل التي توصلهم إلى هذا المقصود وإلى هذه الغاية، يبذلون كل غالى ورخيص في أن يحصلوا على مقصودهم، فيبذلون ويقصدون إلى هذه المناصب فلا يعانون عليها.

 

ويتعلقون بها فيوكلون إليها، يحبون من مالأهم ومن ناصرهم ومن ملقهم ونافق، ويبغضون ويكرهون من نصح لهم وأخلص، وهذا حال كثير منهم، ويرون مع ذلك أن هذه هي الحياة الطيبة هي الحياة الطيبة ولو تنازلوا عن شيء من دينهم، ولو أشغلهم ذلك عن طاعة ربهم، ولو أطاعوا المخلوق في معصية الخالق، وقليل من الناس من يأخذ ذلك طاعة لله، لا يسأله من نفسه، وإذا وُكل إليه وحُمّله فإنه يستعين الله عليه ويطيع الله فيه، لأنه يذكر قول رسوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفارى رضي الله عنه “يا أبا ذر، إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزى وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها” ثم صنف ثالث من الناس يرى أن الحياة الطيبة والحياة الكريمة.

 

في حصول النفس على شهواتها، وتمتعها بلذائذها، وحصولها على ذلك من أي سبيل، حتى ولو كان في معصية الله تبارك وتعالى فتراهم يرتعون، يسرحون ويمرحون كالبهائم بل هم أضل، يحرصون على التمتع باللذائذ، ويعجبون أن يقال لهم اتقوا الله، ويعجبون لمن يرى الحياة الطيبة في غير ما هم يسلكون وفي غير ما هم وراءه يسعون، يتبعون اللذائذ وينتقلون إليها، ويشدون الرحال من بلد إلى بلد ليعصوا الله، وليترفوا وليلذذوا أنفسهم بمعصية الله، تغرهم هذه النعمة من صحة في البدن، وأمن في الوطن، ورخاء في العيش، فبدلا من أن يكون ذلك شكر يكون ذلك كفر الغفلة تستولي على قلوبهم، يرون ويسمعون ما حولهم من الناس.

 

ومن الشعوب التي تفتك بهم الأمراض وتفنيهم الحروب وتقتلهم الكوارث والنوازل يتضورون بل يموتون جوعا، فلا يكون لذلك في نفسهم عبرة بل يزدادون غفلة، وصدق فيهم قول الله تعالى كما فى سورة الأعراف “اولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون” فهؤلاء يرتعون ويمرحون، ويرون أن هذه هي الحياة الطيبة وهي الحياة الكريمة، فإلى الله مآلهم، وبين يديه سؤالهم وحسابهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصنف من الناس يا ونعوذ بالله من حالهم يرون أن الحياة الطيبة في معصية الله فيفاخرون بها ويجاهرون، ولا يرى كثير منهم أنها معصية بل يرى أنه كلما أمعن في المعصية أيا كانت كلما استغرق فيها رأى أنه أَخذ بنصيب وافر من الحياة الطيبة.

 

فيجاهرون ويفخرون ويسخرون من غيرهم إن كانوا من أهل الشرك والكفر، فإذا رأوا ما هم عليه من الشرك والكفر والإلحاد، ومن تكذيبهم لله تعالى ولأنبيائه ورسله يرون أن تلك حياة كريمة، وأنها تحرر، فيشركون بالله ويطعنون في الموحدين، ويعصون الله ويؤذون الطائعين، وإن كانوا من أهل الكبائر وما أكثرهم اليوم فهم ينتقلون من كبيرة إلى كبيرة، حتى تذهب من أنفسهم هيبة الله تعالى وعظمته، وحتى يطبع على قلوبهم فيرون المعروف منكرا والمنكر معروفا، ويصبح هذا هو معنى الحياة الطيبة عندهم والعياذ بالله من هذا الصنف وهؤلاء أصناف كثيرة وألوان شتى، يراها الناس في حياتهم ويلمسونها ويحسونها، وقال الله تعالى فى سورة النحل “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى