مقال

أذية المسلمين في أنفسهم أو أموالهم

جريدة الأضواء المصرية

أذية المسلمين في أنفسهم أو أموالهم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد الله الذي أسكن عباده هذه الدار وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار وجعل الدار الآخرة هي دار القرار، فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار وسبق رحمته بعباده غضبه وهو الرحيم الغفار، أحمده على نعمه الغزار، وأشكره وفضله على من شكر مدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار، الرسول المبعوث بالتبشير والإنذار صلى الله عليه وسلم، صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار، واعلموا يرحمكم الله إن إيذاء الجار سبب من أسباب دخول النار يارب سلم، ومن صور الإيذاء هو سب الأموات فإن ذلك يؤذي الأحياء، ومن صور الإيذاء هو أذية المسلمين في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم، فأموال الناس أمانة والغش والكذب وأكل أموال الناس بالباطل أذى للمسلمين.

والأعراض أمانة وسبها أو إنتهاكها أذى للمسلمين لذا في خطبة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم يودع الصحابة بل إن شئت فقل يودع الأمة الإسلامية جمعاء أيها الناس ” إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ” وكما أن من صور الأذى هو إيذاء الزوجة لزوجها أو الزوج لزوجته، فإذا آذت الزوجة زوجها دعت عليها زوجته من الحور العين، فكف الأذى عن الآخرين واجب وكف الأذى عن الآخرين دين وإيمان وإحسان حيث قال جل وعلا ” إنما المؤمنون أخوة ” وقال صلى الله عليه وسلم “لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، التقوى ها هنا، فأشار بيده إلى صدره ثلاثا وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” رواه البخاري، واعلموا أن إيذاء الآخرين داء والحمد لله أنه داء لماذا؟ لأن ما من داء على ظهر الأرض إلا وله دواء، إذن فما علاج الأذى قد يقول إنسان يا شيخ لقد وقعت في أذى الناس كثيرا، فماذا أفعل ؟ وهو عليك أولا أن تتوب إلى الله تعالي وتندم على ما فعلت وعليك أن لا تعود إلى أذى الناس مرة ثانية واعلم أن الله يغفر الذنوب جميعا، والتوبة هنا متعلقة بحق الآخرين فعليك أن تستغفر الله لك وله وتكف آذاك عن الآخرين، وإذا كنا نطالب الناس بكفّ الأذى، فنحن نطالب من يتعرض للأذى بالصبر والإحتساب وعدم رد الإساءة بالإساءة، وكيف لا والله عز وجل أمرنا بالإحسان إلى الناس في كل مكان وزمان فقال تعالي ” وقولوا للناس حسنا ” أي تخيروا من الألفاظ أحسنها.

ومن الكلمات أجملها ومن العبارات أدقها، فثناء الناس لك بالخير والإحسان شهادة لدخول الجنان، وثناء الناس عليك بالأذى والإساءة شهادة لدخولك النيران، وشهادة الناس معتبرة عند الملك عز وجل، فيا ترى أيثني الناس عليك خيرا أم يثني الناس عليك شرا؟ وهل ترى أيشهد الناس لك بالإحسان والخير أم يشهد الناس عليك بالإساءة والأذى؟ فالمؤمن الحق من كف أذاه عن الناس، والمؤمن الحق من سلم الناس من أذاه، والمؤمن الحق من سلم الناس من أذى لسانه، والمؤمن الحق من سلم الناس من أذى يداه، والمؤمن الحق من تعامل مع الناس بالحسنى في كل مكان، والمؤمن الحق من تعامل مع جيرانه بالإحسان والمؤمن الحق من تعامل مع زوجته بالإحسان، والمؤمن الحق من يراعي مشاعر الناس، والمؤمن الحق من شهد له الناس بالإحسان.

والمؤمن الحق من أعطى لكل ذي حق حقه ومستحقه، والمؤمن الحق من ألان الكلام مع الناس، والمؤمن الحق من سعد الناس بجواره وأدبه وحسن أخلاقه، فالله الله في كف الأذى فكف الأذى عبادة وكف الأذى صدقة، فإنتبه قبل فوات الأوان واندم على ما فرطت في جنب الله تعالي، فيا بعيد الأمل والموت منه قريب، ويا من هو عن قريب سيصير في القبر غريب، فيا غافلا عن نفسه أمرك عجيب، يا قتيل الهوى أمرك غريب يا طويل الأمل ستدعي فتجيب، وهذا عن قليل، وكل ما هو آت قريب، فهل تذكرت لحدك؟ وهل تذكر يوم يباشر الثري خدك؟ وتقتسم الديدان جلدك؟ فانتبه قبل أن ينادي عليك أيها المفلس قم للعرض علي الله حتى لا تكون من المفلسين يوم القيامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى