جمال عبد الناصر يشارك جمهوره البوستر الرسمي لمسلسل “220 يوم”: نجم لا يعرف الغياب، ووجه درامي يتقن فن الحضور
الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في لحظة انتظرها جمهوره بشغف، شارك الفنان القدير جمال عبد الناصر البوستر الرسمي لمسلسل “220 يوم”، المرتقب عرضه على منصة “شاهد” قريبًا، في خطوة لافتة تؤكّد استمرارية عطائه الفني، وثبات مكانته المرموقة في قلوب المشاهدين والنقّاد على حدّ سواء. ورغم أن البوستر لا يظهر فيه النجم جمال عبد الناصر، إلا أن مشاركته له عبر حساباته الرسمية كانت بمثابة إعلان غير مباشر عن عودته القوية للموسم الدرامي الجديد، واحتفاء بصنيع درامي يفتخر به.
لم يكن جمال عبد الناصر يومًا من أولئك الذين يبحثون عن الضوء العابر، أو الشهرة الزائفة، بل اختار منذ بداياته الطريق الأصعب والأصدق: طريق الفن الهادف. ولذلك، كل مشاركة له تحمل معنى، وكل عمل يُضيف إلى رصيده لا يُستهلك منه. واليوم، مع مسلسل “220 يوم”، يعود النجم الكبير ليُجسّد شخصية جديدة تُضاف إلى أرشيفه الغني، في عملٍ يَعِد بأن يكون مختلفًا في مضمونه، ومؤثرًا في رسالته، وراقيًا في مستواه الفني والإنتاجي.
“220 يوم” ليس مجرد مسلسل جديد في سجل جمال عبد الناصر، بل هو محطة درامية ينتظر منها الجمهور الكثير، لما عُرف عن هذا الفنان من حسّ عالٍ في اختيار أدواره، والتزامه الكامل بالشخصية التي يؤديها، حتى تتلبّسه وتصبح جزءًا منه، وهو جزء من روح العمل ككل. فالمسلسل يدور في إطار نفسي وإنساني معقّد، يتناول تحوّلات الإنسان على مدى فترة زمنية ممتدة، وهي مساحة تمثيلية تحتاج إلى نضج فني ومقدرة حقيقية على إيصال المشاعر دون مبالغة، وهذا ما يُجيده جمال عبد الناصر بامتياز.
في كل مرة يظهر فيها جمال عبد الناصر على الشاشة، لا يقدّم دورًا فحسب، بل يصنع حالة. يُجبرك أن تتابعه بانتباه، أن تُصدّق ما يقوله، أن تتعاطف، أن تتأمل، وربما أن تراجع نفسك. فالرجل لا يؤدي من خارج الشخصية، بل يدخل أعماقها، يحاورها، يتنفسها، ويمنحها من ذاته، حتى تتحوّل إلى مرآة تعكس هموم الناس وأوجاعهم وأحلامهم في آنٍ معًا.
وقد اعتاد الجمهور من جمال عبد الناصر تلك الانحيازات الفنية النبيلة، التي لا تخضع لمعايير السوق، ولا تركض خلف الصرعات، بل تبحث عن القيمة والرسالة. وهو ما يجعل كل ظهور له حدثًا خاصًا، يُحتفى به، ويُراقَب بشغف. ومشاركته في “220 يوم” ليست استثناءً، بل امتداد لنهجه، وتجديد لعهده مع الفن الحقيقي.
من الناحية الإنتاجية، يُعدّ المسلسل من الأعمال المنتظرة لهذا الموسم، بفضل فريق العمل المتكامل والإخراج المحترف، والنص الذي يحمل في طيّاته عمقًا نفسيًا واجتماعيًا كبيرًا. ومع وجود اسم مثل جمال عبد الناصر ضمن فريق الممثلين، فإن سقف التوقّعات يرتفع، والرهان على الجودة يصبح حتميًا.
الجدير بالذكر أن جمال عبد الناصر قد استطاع على مرّ السنوات أن يبني رصيدًا نقيًا لدى جمهوره، لا تشوبه فضائح، ولا تُشغله الأضواء عن جوهر العمل. هو الممثل الذي احترم نفسه فاحترمه الناس، وكرّم الكاميرا بحضوره فكرّمته بعدساتها. وقد شكّلت تجاربه المتنوعة في الدراما والسينما والمسرح مدارس قائمة بذاتها، تُدرّس فيها ملامح الأداء الصادق والتقمّص العميق للشخصية.
اليوم، وفي ظل زحام الأعمال، وتكرار المواضيع، وازدحام الشاشات، يبقى ظهور جمال عبد الناصر أشبه بنسمة نقيّة في صيفٍ مكتظ بالضوضاء. “220 يوم” قد يكون عنوانًا لمسلسل، لكنه أيضًا انعكاس لأيام طويلة من العمل الجاد والتفاني الذي بذله هذا الفنان ليصل إلى جمهوره بكل صدق وإخلاص.
ولعلّ مشاركته للبوستر الرسمي ليس فقط تشويقًا للعمل، بل أيضًا رسالة وفاء للجمهور: أنني حاضر، أنني عائد، أنني مستمر. وأن الفن، حين يُمارَس بضمير، يصبح طقسًا من طقوس الحياة، ورسالة لا تُهزم.
فهل يكون “220 يوم” هو الفصل الجديد في رواية جمال عبد الناصر الطويلة مع الإبداع؟ الأكيد أن القادم يحمل الكثير، طالما أن اسمه لا يزال يُكتب على التتر الأول.