وبحنلك بصوت النجمة رحمة رياض وكلمات حسام سعيد، قنبلة الموسم وتريند الصيف بلا منازع!”
الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
قبل ما تنزل وتهزّ الأرض، قبل ما الناس تسمع أو تحفظ اللحن، صارت حنين، صارت وجع، صارت شهقة طالعة من جرح، وبحنلك مش أغنية وبس، وبحنلك قصة مكتوبة بدمع الحس، صرخة رايقة طالعة من وجّ الصبر، صدى بيشقّ السكوت وبينده للّي راح وما ردّ، بنقطة دمعة بتنزل عخدّ، بصوت رحمة رياض اللي كل ما تغني بتخلق حياة، بنبرة حسّها، بلون وجعا، بجملة ناعمة فيها نار مكتومة من تحت الهوا، وبكلمات حسام سعيد يلي ما كتب، بل نزف، كل بيت من وبحنلك هو وجع واضح، رجعة مستحيلة، وشوق عم يتقاتل مع الكرامة وما عم ينتصر، وما حدا بينتصر عالغياب، بس في حدا بيغني عنو وبيخلّي الغياب يوجع العالم متلك، حسّام ما كتب أغنية، كتب حالة، كتب وطن لقلوب تايهة، كتب من وجع اللي ما بينقال، ومن حنين ما بينلام، وكل جملة كانت مثل طلقة، ومتل حضن، ومتل نسمة بتلمّ الغصّة وتفلّ.
وبلحّن عمرو الشاذلي، صارت الأغنية شوق بيمشي على موسيقى، صارت دندنِة بتنغرز، لحن ما بيركب إلا عهالنوع من القصص: لما الحب يصير ذكرى، والذكرى ما تبطّل تعيش، والمستحيل يصير إحساس، مش فكرة، والتوزيع؟ هشام البنا، سكّب نبض الأغنية متل ما بينسكب الميّ على الجرح، ناعم، بس بيوجع، هادي، بس بيكسر، والنتيجة؟ شي بيشبه الحلم بس ما بينام، شي بيشبه الحنين بس ما بينحكى، شي بيشبه الوجع بس الناس حبّتو، وتعلّق في، وصار تريند قبل ما يوصل، وغنيّة الموسم قبل ما يُطرح.
وبحنلك، اسم صار عنوان للحالة، وعبارة بتكفي توصف كل حدن اشتاق، وما عرف يقول، بتكفي توصف قلب بعدو ناطر، وما إجا جواب، بتكفي تنقال من بعيد وتوصل عالقريب، متل دقّة قلب خجولة، متل لمسة شوق عتمة، متل صوت بيقول “اشتقتلِك”… وخلص.
ما إن سمعنا أول مقطع مسرّب من أغنية “وبحنلك” حتى حسينا إنو في شي غير، في نبض مش مألوف، في كلمة عم تمشي عالسطر مثل ما الدمع بيمشي عالخد، ببطء، بوجع، بصدق بيشلّ الحكي. الأغنية بعدا ما نزلت رسميًا، بس العالم كلّو عم يحكي عنها، لأنو شو ما كان الوقت، الحنين ما بيعرف توقيت، وبكلمات حسام سعيد، صار الحنين مش مجرّد إحساس، صار تريند! الناس سبقوا الطرح، سبقوا الفيديو، سبقوا التسويق… كلّو، لأنو الجملة ضربِت بقلبن قبل ما توصل لودن.
حسام سعيد… الاسم يلي صار وِجهة، مش توقيع
حسام سعيد ما عاد اسم شاعر ع ورقة، صار حالة فنية كاملة، حالة بتمشي بشرايين الكلمة، بتحفر معنى من جوّا، مش من برّا، بتعرّي الوجع وبتخلّيه يتغنّى. ما كتب “وبحنلك” ليحكي قصة غيره، كتبها لأنو نحنا كلّنا جوّاها، لأنو كلنا فينا شوي من الحنين اللي “يعَدّي تَخيّلك”، وفي حدا ببالنا منقول عنه “أنا نفسي أنام وأصحى ألاقيني رجعتلك”، وكلنا بنعرف هيدا النوع من الحبّ يلي ما بيننسى، وما بيتعوّض، وما بيختفي، حتى لو كبّينا عليه سنين وسكوت.
من الكلمات للنغمة… رحلة وجع مغنّاة
الأغنية متل موجة، بتاخدك من أول همسة، من أول نَفَس، بتغرقك بشي ما بين البكرا والأمس، بين صوت رحمة رياض يلي بيشبه الحنين لما يبكي، وبين اللحن يلي ما فيه ولا نغمة زايدة، ولا دفشة صوت إلا لمحلها، حسّ موسيقي مبلول بالشوق، توزيع بيشبه البيوت القديمة يلي ضلّت واقفة رغم العواصف. “وبحنلك” مش بس غنية، هي وجع موسيقي منظَّم، ناعم، وبنفس الوقت موجِع متل كفّ عَحنجرة.
رحمة رياض… لما الصوت يصير أنوثة مجروحة بتغني
رحمة مش عم تغني، رحمة عم تتذكّر، عم تعيش، عم تتنهد بكل مقطع، عم تحكي بصوت يلي بعدو بينام عريحة صور قديمة، يلي بعدو بيقلب الأغاني متل ما بيقلّب قلبو بين الذكريات، رحمة مش بس مغنية بالأغنية، هي ضمير كل وحدة كانت عم تحنّ، وتتكسّر، وبتكتب ع الحيطان “برجعلك”، وبيضحك عليها الوقت.
فريق العمل… الكواليس اللي صنعت الحلم
كل عمل عظيم ورا فريق أصدق من الضوء، وهون، فريق “وبحنلك” كان متل أوركسترا صامتة بس دقيقة.
الكلمات كتبها حسام سعيد، بإحساس شاعر بيقطّع الليل سطر سطر، وبيعيش كل جملة قبل ما يكتبها.
عمرو الشاذلي لحن الأغنية، وقدر يحط موسيقى على وجع ما بينوصف، نغمات بتفوت عالقلب بلا استئذان، بتوقظ الدمع، وبتحسسك إنك كنت عم تسمع حالك مش رحمة.
هشام البنا وزّع العمل بنعومة نادرة، ما كبّر الصوت، بل كبّر الإحساس، ما عمل استعراض، عمل تَصميم دقيق لكيفية تفجّر الوجدان من أول نغمة لآخر تنهيدة.
وكل هالتركيبة، عملت لوحة فنية مش عادية، مش تقليدية، ما فيها أي تفصيل زايِد ولا ناقص… وكأنو كل عنصر كان فايت عالاستديو حامِل حنينو الشخصي ليسجّلو.
تريند عالمي قبل الطرح؟ إيه، و”وبحنلك” بتستاهل أكتر
قبل الطرح الرسمي، الأغنية احتلّت صفحات السوشال ميديا، صارت “تريند الموسم”، العالم صارت تعيد كلماتها، تغنّي مقاطعها من دون موسيقى، تنشرها كأنها جزء من ذكرياتها. كل حدا حسّ حالو جوّا الغنية قبل ما تنزل، وكل هيدا دليل إنو “وبحنلك” مش بس أغنية، هيدي مرآة.
مرآة لقلوبنا، لصمتنا، لانكساراتنا، لعيوننا يلي بتقرا الماضي من غير ما نكتب شي. حسام سعيد خلق حالة نفسية، موسيقية، وجدانية، كلّها بتركيبة بسيطة بس فيها قوة تسونامي من الإحساس.
ما بقى فينا ننتظر أكتر. “وبحنلك” صارت متل المطر قبل العاصفة، ريحة قبل الهطول، لحظة قبل الانفجار. حسام سعيد سلّط الضو ع وجع مش بيخلص، غنّاه، قدّمو للناس، وسلّمنا مرايتنا نقراها بصوته.
هيدي مش أغنية وبس… هيدي الوجع يلي ما قدرنا نصرّح فيه، بس لَقينا مين يكتبه عنّا.
هيدي “وبحنلك”…
وهي فعلاً، قنبلة الموسم، تريند الصيف، ودرس بكل سطر… كيف الكلمة الصح بتعمل ثورة بلا صوت عالي.