العيد المؤجَّل: تأمّلات في يوم العمّال ، في عام 1886، دعا إتحاد نقابات العمال في الولايات المتحدة إلى إضراب عام في الأول من ايار /مايو، مطالبًا بثماني ساعات عمل يوميًا. شارك أكثر من 300 ألف عامل في المصانع المختلفة.
في 3 مايو، قُتل عدد من العمال المضربين في شيكاغو على أيدي الشرطة. وفي اليوم التالي، وخلال مسيرة سلمية احتجاجًا على المجزرة، أُلقيت قنبلة على الشرطة، فقتل سبعة من رجالها وأربعة من العمال، وتبعه إطلاق نار.
حُكم على ثمانية من قادة النقابات، أُعدم أربعة منهم عام 1887. وفي عام 1889، دعا رئيس إتحاد النقابات الأميركي إلى توحيد النضال العالمي من أجل تقليص ساعات العمل.
وفي 1ايار / مايومن العام 1890، لبّت الأممية الثانية الدعوة، فتحوّل هذا اليوم إلى عيد عالمي للعمّال. (ويكيبيديا)
يكدّ العامل ويتعب، يُنفق من روحه وعرقه، لكن أجره ضئيل. وحتى هذا القليل يذوب في نار الغلاء، إذ لا يكفيه لأسبوع واحد، في ظل تضخّم ينهش قدرته الشرائية، وجشع تجار لا يرحمون. لا حاجة لذكر الألبسة: كم من عامل قد يمضي عشر سنوات دون أن يشتري ثوبًا جديدًا؟ غذاؤه غير متوازن، صحته تتدهور بسبب سوء التغذية، وإن مرض، وجد نفسه أمام أبواب موصدة: الأطباء، الأدوية، المستشفيات… كلها خارج متناول اليد. فما حاله إن كان ربّ عائلة؟
خصّصوا للعامل “عيدًا” منذ أكثر من 135 سنة، فهل العيد يقيه شرّ الفقر؟ هل هو اختراع سياسي؟ اجتماعي؟ يوم راحةً يتيم؟ هل يوازن العيد بين “رمزية الشعارات” و”واقعية الجوع”؟ حدّدوا 8 ساعات عمل يوميًا، في ذلك الوقت كانوا يعملون من الفجر حتى هبوط الليل، بلا ضمان، بلا طبابة، بلا سقف. حقوقهم كأنها على كفّ عفريت .
الأعياد الرسمية تحددها الحكومات حسب مزاجها أو أجنداتها، أما الرمزية، فتعلنها الأمم المتحدة، وتلتزم بها الدول شكليًا. لكن كثيرًا ما تتحوّل الأعياد إلى أدوات سياسية لتلميع صورة ارباب العمل و الحكام و رجال الدين ، تصرف الأنظار عن الأوجاع الحقيقية التي يرزح تحتها الشعب .
العمل هو جوهر الإنسان: يصون كرامته، يؤمّن إستقراره الصحي والنفسي والإجتماعي. لكن في إقتصاد هشّ وإستهلاكي، يبقى كثير من العمّال فقراء، محرومين من أبسط مقوّمات العدالة. في زمننا هذا، المرض للفقراء صار ذلًا. العيد لا يفي بإلتزامات العامل، لا مادّيًا، لا صحيًا، لا إجتماعيًا. المعنى الحقيقي للعيد يبدأ حين يأخذ العامل حقّه، ويعيش بكرامة. العدالة الإجتماعية ليست منّة، بل حقّ لكل فرد .