قراءات نقدية

مدينه

جريدة الأضواء المصرية

الايقاع الداخلي لنص مدينه بقلم فارس محمد 

نص “مدينة !!” لفارس محمد هو نص شعري غني بالعاطفة والرمزية، يعبر عن تجربة حب عميقة ومشحونة بالحنين. العنوان “مدينة !!” يطرح فكرة مكانية رمزية تُجسد الحبيبة أو الفكرة العاطفية التي يسكنها الشاعر، حيث يتحول المكان إلى كائن حي يتنفس في كل جزء من النص. إن المدينة هنا ليست مجرد مساحة جغرافية، بل هي مرآة لشوق الروح وعذاب القلب، ويهيّئ العنوان القارئ لتجربة وجدانية مُكثفة.

النص يتمحور حول العاطفة المتقدة التي تجمع بين الحب والاشتياق، حيث يشع النص من خلال تكرار المفردات الدالة على العاطفة مثل: “الاشتياق”، “الحب”، “الحنين”، “العطر”، و”الغواية”. كما يظهر الشوق الذي لا ينتهي والتوق الدائم للقاء الحبيبة، التي يتم تصويرها بمظاهر متعددة مثل “سيدة حرفي” و”قراءة كف القدر”. كل هذه الألفاظ تبني صورًا شعرية مليئة بالوجد واللوعة، مما يجعل العاطفة تتسارع وتتدفق في كل سطر من النص.

تتعدد الصور الشعرية في النص بين الاستعارات والتجسيدات التي تبرز عمق المشاعر، كما في استخدامه للعبارات مثل “شفاه الحروف” و”تشهق لك بالحنين”، مما يعكس حالة العاطفة المُتجسدة في حروف الكلمات. كما تُستخدم بعض الرموز التي تنبض بالحياة مثل “شرفات الياسمين”، “غيمة شاردة”، و”بساط الهوى”، وهذه الرموز تُضفي على النص بُعدًا خياليًا يجعل القارئ يسبح في عالم من الأحلام والذكريات الحالمة.

من ناحية الإيقاع الداخلي، يعتمد النص على التكرار اللفظي والمعنوي لخلق تناغم موسيقي داخل النص. يتكرر ذكر كلمات مثل “الحرف”، “العطر”، و”الحنين” بشكل يعزز من النغمة الشعورية التي لا تكتفي بالكلمات، بل تتغلغل إلى إحساس القارئ، مما يحقق إيقاعًا داخليًا غنيًا. أيضًا، التقطيع السطري المدروس والمُتعمّد يضفي على النص وقفات موسيقية تُسهم في إضفاء الإحساس بالتمهل والتأمل، مما يتيح للقارئ فرصة للغوص أعمق في المعاني.

أما بالنسبة للغة والأسلوب، فإن الشاعر يعتمد على لغة شاعرية حالمة ومشبعة بالرمزية والتأملات الذاتية، حيث تستخدم المفردات التي تعكس الوجدانية العميقة مثل “رحيقكِ”، “أحضانكِ”، “فتنة”. هذه اللغة التي تُوظف المشاعر والأحاسيس بطريقة مرهفة تُظهر الشاعر في حالة من التأمل المستمر والبحث عن معنى في غياب الحبيبة. الأسلوب التراكمي الذي يتبعه الشاعر في بناء الجمل يساعد على تصعيد العاطفة بمرور الوقت، حيث تبدأ الصورة الشعرية بالظهور تدريجيًا وتتصاعد إلى الذروة.

النص أيضًا يظهر بنية حرة غير ملتزمة بالتركيب النحوي التقليدي، مما يعكس تدفق الفكر والعاطفة في شكل نص متحرر. هذا النوع من الأسلوب يجعل النص يبدو كأنه تيار من الأفكار والمشاعر المتشابكة التي لا تنتهي، وبالتالي يعزز الشعور بالتيه والضياع، مما يعكس تمامًا الحالة النفسية للشاعر.

في الختام، يمكن القول إن نص “مدينة !!” هو بناء لغوي محكم يمزج بين العاطفة الخالصة، الصور الشعرية المبتكرة، واللغة الموسيقية. إنه نص يسلط الضوء على العواطف الإنسانية من خلال رمزية عميقة، ويأخذ القارئ في رحلة من الحب، الاشتياق، والوجد، ليغمره في عالم من الخيال والمشاعر المتدفقة.

القصيدة 

بقلم الشاعر 

فارس محمد 

مدينة !!

ـــــــــــــ

تهز الحرف

وتجلد مشاعري

سيدة حرفي

ضاربة الودع

وقارئة كف القدر

رفيقة الروح

انتفاضة مشاعر

ما بين الجمرة

والنار…

ورذاذ عشق

بــ اشتياق…

شفاه الحروف

على أرصفة الوجد

نرسم طريقا

لأحلامنا التائه

في غيابكِ لــ أكتب

البيان على لهفتي

وعلى عطركِ العالق

في أحجيات السماء

أنبش رحيقكِ

العالق في ذاكرتي

مع حكايات الليل

وأغنيه…

من لحن الاشتياق

تشهق لك بالحنين

بين فاصلة

وهمسة عشق

لــ أتلاشى

خلف الصدى

علي أطراف

غيمة شاردة

وأنت تزينين

الهواء بعطرك

لــ تشرق الشمس

وتقرع المدائن

أجراسها

على عرشكِ

فيحملني الحنين

إلى أحضانكِ

لأقضي برفقتكِ

أجمل لحظات عمري

حلم علي

شرفات الياسمين

بدلال الغوايات

المدفونة في دمي

فكم أهواكِ

فتنة لا تبرح

موضع إغوائي بكِ

ولقلبي الراقص

في مداراتكِ

أحلق فوق

بساط الهوى

في حلم عاف

ألتحف يقين الحياة

ربا رباعي 

الاردن

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى