مقالات دينية

تامل في يوم الخميس العظيم

جريدة الأضواء المصرية

تامل في يوم الخميس العظيم 

هذا اليوم هو تذكار لرسم سر الافخارستية ، حيث جمع السيد المسيح تلاميذه في علية صهيون ، غسل ارجلهم ، فهو رمز للعبورمن العهد القديم الى العهد الجديد ، من الظلمة الى النور ، نور القيامة ، نور المسيحية التي انبثقت حينها بعد تكريس سر الافخارستية بكسر الخبز قائلا :

خذوا فكلوا هذا هو جسدي للعهد الجديد

رافعا الكاس قائلا :

اشربو من هذا كلكم هذا هو دمي للعهد الجديد 

في نفس الليلة في بستان الزيتون اسلمه يهوزا بثلاثين من الفضة 

لماذا كانت ثلاثون من الفضة، لا ذهبًا، هي ثمن خيانة يهوذا، رغم أنه طماع؟

سؤال سالته لنفسي كما قد يكون غيري سأله ؟

فضة الخيانة وذهب المحبة

ا وَزَنُوا أُجْرَتِي ثَلاثِينَ شَاقِلاً مِنَ الْفِضَّةِ. 13فَقَالَ الرَّبُّ لِي: “أَعْطِ هَذَا الثَّمَنَ الْكَرِيمَ الَّذِي ثَمَّنُونِي بِهِ إِلَى الْفَخَّارِيِّ”.

 فَأَخَذْتُ الثَّلاثِينَ قِطْعَةً مِنَ الْفِضَّةِ وَأَلْقَيْتُهَا فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى الْفَخَّارِيِّ. 

11:13زكريا

يهوزا الاسخريوطي

قب يهوذا “الإسخريوطي” Ὶσκάριωθ أو Ὶσκαριώτης الذي يميزيهوزاعن الأشخاص الآخرين الذين يُدعون “يهوزا” في الأناجيل، يُعتقد عادةً أنه ترجمة يونانية للعبارة العبرية איש־קריות، (Κ-Qrîyôt)، وتعني “الرجل من قريوت”. ويؤيد هذا التفسير ما جاء في إنجيل يوحنا 6:71 أن يهوزا كان “ابن سمعان الإسخريوطي” و قريوت”.

يهوزا – كما يدل لقبه – مواطنًا من قريوت (يش 15: 25)، ولكن من المحتمل أنها كانت تقع في جنوبي اليهودية حيث توجد “خرابة القريتين ، “.

حسب سفر يشوع (يش 15: 25)، ولكن من المحتمل ان قريوت تقع في جنوبي اليهودية حيث توجد “خرابة القريتين

في عشاء الفصح، بينما كانت المائدة معدّة، والخبز مقسومًا، والنبيذ مرفوعًا كتقدمة حب، كانت هناك مائدة أخرى تُحضَّر في الخفاء: مائدة من ثلاثين قطعة من الفضة، لا تُشبع، ولا تُبارك، بل تُباع بها نفس بريئة لتُفقدها الروح

لماذا كانت فضة؟

الفضة في الكتاب ترمز أحيانًا للغش والنفاق، هي اللمعان المزيّف، القيمة المؤقتة، شيء يبدو ذا شأن لكنه لا يدوم.

كم من مرة نغلف اختياراتنا بثوب التقوى، بينما هي محكومة بالخوف أو الطمع أو سوء الفهم؟

سيدي يسوع المسيح يوم ميلادك كانت تقدمةالمجوس اليك : ذهبا و لوبانا و مرا 

يوم تسليمك للصلب بخسوا قيمتك بثلاثين من الفضة ، بثمن عبد ميت ،

لقد تسائلت كما غيري قد تسائل بما ان الذهب اثمن و اغلى من الفضة ، لٍمَ لم تكن ديتك للخائن يهوزا بالذهب ؟ فكان الجواب في سفر برنابا المنحول ان يهوزا طلب الذهب .اما رؤوساء الكهنة بخسوا الثمن .. ربما لكونه خائن لا يستحق اكثر من ذلك ، و بعد ان اسلمت معلمك بقبلة ، رميت الفضة و شنقت نفسك .

يقول اشعياء النبي

1:22: “صَارَتْ فِضَّتُكِ زَغَلًا وَخَمْرُكِ مَغْشُوشَةً بِمَاءٍ”، هذه الآية تشير إلى الانحطاط الروحي والفساد الأخلاقي. الفضة، رمز النقاء والقيمة، تحوّلت إلى شوائب (زغل)، كما تحوّل ما هو مقدّس إلى ما هو دنيوي ملوّث ..

وهكذا كانت الفضة التي قُدّمت ليهوذا:

ليست فضة نقية، بل “زغل” من حيث المعنى الروحي.

ليست رمزًا للثروة، بل رمزًا للخيانة والدم.

لماذا الفضة وليس الذهب؟

1. تحقيق للنبوات: في زكريا 11:12-13، تنبأ النبي بوضوح عن ثلاثين من الفضة تُلقى في بيت الرب وتُعطى للفخّاري، وهذا تحقق حرفيًا مع يهوزا، فاختيار الفضة لم يكن عبثًا بل إعلانًا نبويًا مسبقًا ..

2. قيمة العبد: ثلاثون من الفضة هي ثمن عبد بحسب شريعة موسى (خروج 21:32)

وهكذا قُدّر المسيح – السيد والمعلم والرب – بثمن عبد!

3. الطمع لا يعني الحكمة: يهوزا كان طماعًا، لكنه لم يكن حكيمًا. ربما كان يظن أنه يستطيع أن يستفيد ماديًا دون أن يسبب موت معلمهأحيانًا يكون الطمع أعمى، لا يحسن التقدير ولا يميز بين الذهب والفضة

وقد يكون قبوله للفضة دليلًا على فساد داخلي لا يُقوَّم بالمادة مهما علت قيمتها

4. الفضة رمزاً للخداع والتضليل: كما جاء في إشعياء، الفضة المغشوشة ترمز إلى انحراف القلب عن الله. وهكذا كانت نية يهوذا: ظاهرها المشاركة كالتلاميذ، وباطنها الخيانة .

يهوذا لم يبع يسوع فقط، بل باع صورته عن يسوع. ربما لم يفهمه، ربما ظنه قائدًا سياسيًا، وربما خاب أمله عندما أدرك أن الملكوت الذي ينادي به لا يُبنى بالسيف بل بالصليب ..

ثلاثون من الفضة لم تكن فقط ثمنًا مادّيًا، بل كانت إعلانًا عن:

تحقيق النبوة.

انحطاط قيمة الخيانة.

الاحتقار الذي لاقاه المسيح على يد أحبائه.

الزغل الذي تكلّم عنه إشعياء، حينما تُشوّه القيم وتُغش القلوب.

*

ملفينا توفيق ابومراد

عضو إتحاد الكتاب اللبنانين 

لبنان 

17/4/2025

.

المراجع : الكتاب المقدس العهدين القديم و الجديد 

انجيل برنابا المنحول 

**

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى