
القرآن والفضاء
بقلم / محمد نوح
قال تعالى:
“وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ”
(سورة الحجر: 14-15)
التفسير اللغوي للآية
1. “فتحنا عليهم بابًا من السماء”
تعبير مجازي عن إعطائهم فرصة للصعود إلى السماوات لرؤية الحقائق الكونية بأعينهم.
“بابًا” يوحي بوجود ممر أو منفذ يمكنهم الصعود من خلاله.
2. “فظلوا فيه يعرجون”
“يعرجون” من العُروج، أي الصعود بشكل متعرج أو تدريجي، وهو ما يشير إلى حركة غير مستقيمة ومتدرجة أثناء الارتفاع.
و يفيد ايضا ان المده الزمنيه للصعود كبيره لوجود كلمه ظلوا
3. “لقالوا إنما سكرت أبصارنا”
أي أصاب أبصارهم العمى أو التشوش، وكأنها مغلقة أو محجوبة.
“سكرت” في اللغة تعني الانغلاق أو الانبهار بشيء غير مألوف.
4. “بل نحن قوم مسحورون”
أي أنهم يعتقدون أن ما يرونه مجرد خداع أو سحر، وليس حقيقة واقعية.
المقارنة بعلم الفضاء
1. العروج في السماء وعلاقته بالسفر إلى الفضاء
كلمة “يعرجون” تتطابق مع مفهوم الصعود التدريجي في الفضاء.
السفن الفضائية و رواد الفضاء لا يتحركون في خط مستقيم عند مغادرة الأرض، بل يتبعون مسارات منحنية (مدارية) بسبب تأثير الجاذبية.
عند الارتفاع، يواجهون تغيرات في الضغط والحرارة والجاذبية، مما يجعل الحركة معقدة ومتغيرة.
2. التأثيرات البصرية عند دخول الفضاء
عند مغادرة الغلاف الجوي، يحدث تغير بصري شديد بسبب اختلاف الضغط والإضاءة.
رواد الفضاء في البداية يعانون من تشوش بصري بسبب التغيرات السريعة في البيئة المحيطة، وهذا يشبه قول الكفار: “سكرت أبصارنا”.
بعض الظواهر مثل الوهم البصري وانعدام الجاذبية قد تجعل الشخص يعتقد أنه في حالة غير طبيعية أو خيالية، مثلما قالوا: “بل نحن قوم مسحورون”.
3. انعدام الجاذبية وتأثيره على الإدراك
في الفضاء، الدماغ يحتاج وقتًا للتكيف مع بيئة الجاذبية الصغرى.
بعض رواد الفضاء وصفوا شعورهم في الأيام الأولى بأنه يشبه “الهلوسة” أو الشعور بأنهم في حلم، مما يشبه رد فعل الكفار في الآية.
الإشارة إلى إمكانية العروج إلى السماء:
قبل قرون، لم يكن البشر يعرفون أنه يمكنهم الصعود إلى السماء، لكن القرآن أشار إلى ذلك.
الخلاصه
هذه الآية تصور بشكل دقيق تجربة السفر إلى الفضاء، حيث تصف العروج التدريجي، وتأثيرات التغيرات البيئية على البصر، والإرتباك النفسي لعدم الاعتياد على البيئة الجديدة. وهذا يعكس سبقًا علميًا في القرآن الكريم لم يكن معروفًا في زمن نزوله. و الله أعلى و اعلم .