مقال

نفحات إيمانية ومع الطريق إلى السعادة ” الجزء الخامس “

نفحات إيمانية ومع الطريق إلى السعادة ” الجزء الخامس ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الطريق إلى السعادة، وإن الناس كثير والمرضي منهم في خصاله قليل، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال “إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة” متفق عليه، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في رواية مسلم “تجدون الناس كإبل مائة لا يجد فيها الرجل فيها راحلة” فالمعنى لا تجد في مائة إبل راحلة تصلح للركوب، لأن الذي يصلح للركوب ينبغي أن يكون وطيئا سهل الانقياد، وكذا لا تجد في مائة من الناس من يصلح للصحبة بأن يعاون رفيقه ويلين جانبه، فقال النووي المرضي الأحوال من الناس الكامل الأوصاف قليل، وقال القرطبي الذي يناسب التمثيل أن الرجل الجواد الذي يحمل أثقال الناس والحمالات عنهم.

 

ويكشف كربهم عزيز الوجود كالراحة في الإبل المائة، وقال ابن بطال معنى الحديث أن الناس كثير والمرضي منهم قليل” فعلى الإنسان أن يدقق في اختيار من يعاشر ويصاحب من الناس، وأيضا من طرق السعادة هو التحلي بالخصال التي تجعل الإنسان من خير الناس فيحبه الناس، فإن خير الناس هم صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم، ثم التابعين، ثم تابعي التابعين، رحمهم الله جميعا، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” متفق عليه، ولذا فإن خير الناس من يقتفي أثرهم، ويسلك مسلكهم، ويتبع منهجهم، وإن تحلي الإنسان بالخصال التي تجعله من خير الناس.

 

يجعله مقبولا عند الناس، فيكون سعيدا في تعامله معه، ومن الصفات التي تجعل الإنسان من خير الناس هو أن يُرجى إحسانه وخيره، فإن من خير الناس هو من يرجو الناس خيره، ويسلمون من شره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على ناس جلوس، فقال “ألا أخبركم بخيركم من شركم؟” فسكتوا، فقال ذلك ثلاث مرات، فقال رجل بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا، قال “خيركم من يرجي خيره، ويُؤمن شره” رواه الترمذي وأحمد، وأن يسلم المسلمون من يده ولسانه، فإن من خير الناس من يسلم الناس من لسانه ويده، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمين خير؟

 

فقال “من سلم المسلمون من لسانه ويده” رواه مسلم، فمن يؤذي الناس بيده، ومن يؤذيهم بلسانه، بغيبة، ونميمة، وكذب، وافتراء، وبهتان، وسخرية، واستهزاء، ونحوها، فلا شك أنه غير محبوب لديهم، بل مكروه مبغوض، وأن يكون طائعا لله عز وجل، حسن العمل، فإن من خير الناس من يطول عمره في طاعة الله تعالى، فيزداد قربا إلى الله، ويزداد رفعة في الآخرة، فعن عبدالله بن بسر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خيركم من طال عمره، وحسن عمله ” رواه الترمذى، وقال ابن العثيمين رحمه الله “بإمكان الإنسان أن يحسن عمله، لأن الله تعالى جعل له عقلا، وأنزل الكتب، وأرسل الرسل، وبين المحجة، وأقام الحجة، فكل إنسان يستطيع أن يعمل عملا صالحا.

 

على أن الإنسان إذا عمل عملا صالحا فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن بعض الأعمال الصالحة سبب لطول العمر، وذلك مثل صلة الرحم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم” من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه” وصلة الرحم من أسباب طول العمر، فينبغي للإنسان أن يسأل الله دائما، أن يجعله ممن طال عمره، وحسن عمله، من أجل أن يكون من خير الناس” ومن عمل الصالحات وأكثر منها، مخلصا لله، متبعا لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فأجر عمله له، ولكن الناس يستفيدون من رؤيته، ومن كلامه، فعن أسماء بنت يزيد سكن الأنصاري رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أخبركم بخياركم ؟” قالوا بلى قال “خياركم الذين إذا رؤوا ذكر الله تعالى” رواه أحمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى