
صدى
لقد قتلهن، دفنهن في قبو البيت، ولم يشك فيه أحد!
الجريمة الكاملة يا سيدي، لا شك إنها الجريمة الكاملة، لقد كنت أسمع أصواتهن يصرخن في أذني كل ليلة” أهربي، أهربي؛ سيقتلك كما قتلنا”.
أرجوك أن تنصت إلي، وأنا أقص عليك ما حدث …
كان الجو ماطراً والهواء يعصف بقوة، السماء رمادية والسحب ثقيلة وداكنة، اتصل بي ليطمئن علي ويخبرني أن الطرق مقطوعة، ولن يستطيع العودة إلى المنزل الليلة.
أنهيت المكالمة معه، وشعرت بالبرد يغزو أطرافي، فذهبت إلى غرفة النوم لأحضر شالي الصوفي، وعندما هممت بأخذه؛ أوقعت سترته المعلقة بجوار الشال على علاقة الملابس الخشبية، وأنا أعيده إلى سيرته الأولى؛ لمست يدي شيئاً معدنياً في جيب سترته الداخلي؛ كان مفتاحاً صغيراً لامعًا، احترت وتساءلت لماذا يخفيه؟ تفحصت المفتاح بين يدي، إنه يشبه مفتاح درجٍ مكتبي، دفعني الفضول لأدخل غرفة مكتبه، وأضأتُ المصباح، وجلست على الكرسي.. فتحت الدرج الأول؛ مجموعة من المستندات والملفات، الدرج الثاني أوراق وأقلام، حاولت فتح الدرج الثالث فإذا بي أجده مغلقاً، تيقنت لحظتها أنه الدرج المنشود؛ أمسكت المفتاح وأدرته في القفل وفتحته، فوجدت صندوقاً صغيرًا من الخشب المُطعم، تملكني الفضول مرة أخرى، وتساءلت؛ ماذا يخفي داخله يا ترى؟ كان الصندوق أشبه بخزانة ذكريات مصغرة؛ سلاسل لامعة، خواتم، مشابك شعر، ربطات
حريرية، أزرار، وبعض الورود المجففة .
أمسكت بيدي سلسة لامعة تحمل شكل شمس، رحت أقلبها بين يدي وأتلمسها وأحاول أن أتذكر أين رأيتها من قبل، ثم لمعت صورتها أمامي،
لقد رأيتها في عنق جارتنا الشقراء الجميلة التي كانت تسكن في البيت المجاور لنا؛ كانت شابة لطيفة مهذبة، لكنها اختفت فجأة ولم أعد أراها، وعندما سألته عنها أجاب: إنها عثرت على وظيفة في مدينة أخرى وغادرت على عجل .
أسورة من الجلد وأخرى من المعدن وسلاسل مختلفة وخواتم ..إنه خاتم خطبة لا بد أنه لخطيبته السابقة، أذكر أنني سألته عنها فتهرب من الإجابة، وعندما ألححت عليه قال : لقد انقطعت أخبارها عني، أظن أنها تزوجت وسافرت ..
تملكني الرعب لم أستطع النوم في تلك الليلة
كنت اسمع أصواتهن يطلبن النجدة، يستغثن ولكن لا أحد يسمعهن .
حضر صباحًا واعتذر عن اضطراره البقاء بعيدًا الليلة الماضية- وتركي بمفردي- بسبب انقطاع الطريق نتيجة العاصفة.
نظر في عيني متفحصًا، بدا لي أنه قرأ كل مخاوفي، لا بد إنه أيقن أنني اكتشفت سرّه!
كنت أعلم أنه سيطلب مني النزول إلى القبو عاجلاً أم آجلًا بلطفٍ أو بقوة !
كانت الكوابيس تهاجمني دائماً؛ أصواتهن المعذبة تريد العدل، كن يصرخن في أذني” أنت التالية ..أنت التالية “
،لذا قررت أن احتاط وأن أنقذ نفسي من هذا المريض بقتل النساء ،
وضعت خطتي بدقة، وانتظرت اللحظة المناسبة؛ بضع قطرات منه في قهوته الصباحية ستفي بالغرض.
أحضرت له القهوة وجلست أمامه أراقيه وهو يحتسيها رشفةً رشفة… قاطعني صوت الجرس .
فتحت الباب لأجد جارتنا الشقراء واقفة أمامي، تسمرت في مكاني من الصدمة،استفقت على صوتها وهي تنظر لي بابتسامة ..مرحبا؛ لقد عدت من السفر، هل من الممكن أن أجد لديك رقم شركة السباكة، لا ادري ما خطب الصنابير في المنزل جميعها لا تعمل! ..
لا لا مستحيل …إنه يحاول التلاعب بي، يحاول خداعي، أن يجعلني أصدق أنه لم يقتلهن ويتخلص من جثثهن في القبو، لذا جلب فتاة شقراء تشبه جارتنا، ليوهمني أنني مخطئة
ألم أقل لك يا سيدي، أنه عرف أنني كشفته، لم لا تصدقني ..لم لا تصدقني ؟..أين هي كاميرات المراقبة؟ لقد نسيت أمرها، أرجع إليها لتتأكد بنفسك، أن ما قلته لك ولهم من قبل هي الحقيقة
كان يحاول خداعي، أصوات ضحاياه لا تزال في أذني، كان لا بد أن أنتقم لهن، صدقني ما فعلته محض دفاع عن النفس أيها الطبيب..ثم قل لي
لماذا يتظاهر أحدهم أنه هو؟ ويزورني هنا دائما !