مقال

الذين يسرحون بين الضريع والزقوم

الذين يسرحون بين الضريع والزقوم
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبيا من أنبيائه، فصلوات ربي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد، لقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا ضرب في قبره سوطا فامتلأ القبر عليه نارا لكونه صلى صلاة واحدة بغير طهور، ومر على مظلوم فلم ينصره، وكما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث سمرة بن جندب الذي رواه البخاري عن تعذيب من يكذب الكذبة تبلغ الآفاق.

وعن تعذيب من يقرأ القرآن ثم ينام عنه بالليل ولا يعمل به في النهار، وعن تعذيب الزناة والزواني، وعن تعذيب آكل الربا، أخبر عنهم كما شاهدهم في البرزخ، وفي حديث آخر أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رضخ رؤوس أقوام بالصخر لتثاقل رؤوسهم عن الصلاة، وعن الذين يسرحون بين الضريع والزقوم لتركهم زكاة أموالهم، وعن الذين يأكلون اللحم المنتن الخبيث لزناهم، والذين تقرض شفاههم بمقارض من حديد لقيامهم في الفتن بالكلام والخطب، وجاء في حديث رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أرباب بعض الجرائم وعقوباتهم فمنهم من بطونهم أمثال البيوت وهم على سابلة آل فرعون، وهم أكلة الربا، ومنهم من تفتح أفواههم فيلقمون الجمر حتى يخرج من أسافلهم، وهم أكلة أموال اليتامى.

ومنهم من تقطع جنوبهم ويطعمون لحومهم، وهم المغتابون، ومنهم من لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم، وهم الذين يمزقون أعراض الناس، فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم، بحسب كثرتها وقلتها، وصغرها وكبرها ما لم يغفر الله لهم ويتجاوز عنهم بتوبة أو رحمة منه تعالى، فظواهر القبور تراب، وبواطنها حسرات وعذاب، ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات، وفي باطنها الدواهي والبليات، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها، ويحق لها وقد حيل بينها وبين شهواتها وأمانيها، واعلموا يرحمكم الله أن الميت لا يسمع شيئا من كلام الأحياء، أما حديث مخاطبة النبي صلي الله عليه وسلم لأجساد المشركين يوم بدر فيُحمل على حال مخصوصة وهي أن الله تعالي أحياهم لنبيه المصطفي صلى الله عليه وسلم.

ليخزيهم وليريهم الذلة والصغار، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن هناك فتنة وعذابا في القبر وحياة في البرزخ، كما أن فيه نعيما وراحة بحسب حال الميت، وكما أن عذاب القبر على الصحيح من أقوال العلماء يقع على الروح والجسد، ولكن مره أخري فهل الميت يسمع الأحياء؟ فما جاء في السؤال من أن الميت لا يسمع شيئا من كلام الأحياء هو حق وصدق، حيث قال الله تعالى كما جاء في سورة فاطر” وما أنت بمسمع من في القبور” وكما قال تعالى كما جاء في سورة الروم ” فإنك لا تسمع الموتى “.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى