
ومن الناس أشد قسوة من الحجارة
محمود سعيدبرغش
“ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة” (البقرة: 74).
مقدمة
القسوة هي من أشد الأمراض التي تُصيب القلوب وتبعد الإنسان عن طريق الحق والخير. وقد حذرنا الله عز وجل في كتابه الكريم من قسوة القلوب، حيث يصبح القلب جامدًا لا يتأثر بمواعظ الحق ولا يبالي بالآيات الربانية. هذا المقال يسلط الضوء على مظاهر القسوة، أسبابها، وطرق علاجها، مستندًا إلى القرآن الكريم والسنة النبوية.
مظاهر قسوة القلب
1. عدم التأثر بالآيات والمواعظ
كما قال الله تعالى: “فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله” (الزمر: 22).
القلوب القاسية لا تتفاعل مع القرآن الكريم ولا تستجيب للتذكير بالله.
2. الجفاء في التعامل مع الآخرين
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” (رواه البخاري).
القسوة تظهر في سوء التعامل مع الآخرين، سواء بالكلام الجارح أو الأفعال المؤذية.
3. غياب الرحمة
القلوب القاسية تفقد الإحساس بمعاناة الآخرين، وهو ما يناقض قول الله تعالى: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” (الأنبياء: 107).
أسباب قسوة القلب
1. الغفلة عن ذكر الله
قال الله تعالى: “ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم” (الحشر: 19).
الغفلة تُبعد الإنسان عن رقة القلب وتجعله في ظلمة دائمة.
2. الإفراط في حب الدنيا
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه” (رواه الترمذي).
حب الدنيا الزائد يجعل القلب مشغولًا بالشهوات والماديات، مما يؤدي إلى قسوته.
3. التكبر والغرور
قال الله تعالى: “كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار” (غافر: 35).
التكبر يمنع القلب من التواضع والتأثر بآيات الله ومواعظه.
علاج قسوة القلب
1. ذكر الله باستمرار
قال الله تعالى: “ألا بذكر الله تطمئن القلوب” (الرعد: 28).
الإكثار من التسبيح، التهليل، والاستغفار يُحيي القلوب ويزيل قسوتها.
2. تلاوة القرآن الكريم بتدبر
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه” (رواه مسلم).
القرآن هو غذاء الروح ودواء القلوب.
3. العمل الصالح والصدقة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح على رأس اليتيم” (رواه أحمد).
الإحسان إلى الآخرين يعيد للقلب رقته ويزرع فيه الرحمة.
4. التوبة والرجوع إلى الله
قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا” (التحريم: 8).
التوبة الصادقة تجدد الإيمان وتزيل أثر الذنوب التي تؤدي إلى قسوة القلب.
خاتمة
القلب هو مركز الإيمان، فإذا كان لينًا متأثرًا بالحق، عاش صاحبه في طاعة الله ورحمته. أما إذا أصابه القسوة، ابتعد عن طريق الهداية. فلنحرص جميعًا على تطهير قلوبنا من القسوة بالإكثار من ذكر الله، تدبر القرآن، والإحسان إلى الآخرين، متبعين نهج النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان رحمة للعالمين.