مقال

مجالس السكينة والرحمة

جريدة الأضواء المصرية

مجالس السكينة والرحمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم أما بعد هذا هو خبر ابن روزبه وفي ترجمة المسند أحمد بن عبدالله بن معطي الجزائري للفاسي أنه سمع على علي بن أبي بكر بن روزبة في أربعة عشر مجلسا، وأنه قال لهم يوم الختم إجتهدوا في إكمال هذا الكتاب، فإنه والله ما بقي غيركم يسمعه عليّ، وتوفي في الليلة المتصلة بذلك اليوم، وهذا خبر ابن مالك صاحب الألفية في ترجمة الإمام أبي عبدالله جمال الدين محمد بن عبدالله بن مالك النحوي العلامة، قال ” كان كثير الإشغال والإشتغال، حتى أنه حفظ في اليوم الذي مات فيه خمسة شواهد.

وذكر الذهبي في ترجمته أنه روى له حديثين قال ” ليسا هما عندي، قرأتهما عليه ونفسه يحشرج في الصدر، فتوفي يومئذ عفا الله عنا وعنه آمين” وهذا خبر الحجّار وهذا المعمر الأعجوبة، شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي طالب الحجار، مسند الدنيا ت فقد ذكر الفاسي أن الطلاب قد قرءوا عليه في يوم موته، وله مئة سنة وعشر سنين تقريبا، وهذا خبر ابن عقيل الحنبلي ففي ترجمة أبي الوفاء ابن عقيل الحنبلي رحمه الله أنه قال “إني لأجد من حرصي على العلم، وأنا في عشر الثماني أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة” وهذا خبر ابن الجوزي وهذا العلامة المتفنن، صاحب التصانيف، أبو الفرج ابن الجوزي يقرأ في آخر عمره وهو في الثمانين القراءات العشر على ابن الباقلاني، مع ابنه يوسف وقال الذهبي معلقا فانظر إلى هذه الهمة العالية، أقول فإعظ بهذه الهمم العليّة.

وابكي على تقصيرك ودنو همتك، وإستدرك ما فرط من أمرك بالجد والعمل، ومداومة الدرس والنظر، فمن سار على الدرب وصل، وعند الصباح يحمد القوم السرى، وقريب من هذا ما جاء في سير بعض العلماء، فهم مع شدة تطلبهم للعلم من بادىء أمرهم حتى أوفوا فيه إلى الغاية، فاستكثروا ما شاءوا، ومع تقدم أعمارهم ودنو آجالهم هم مع ذلك يجدون من الرغبة في العلم، والشغف به، أكثر مما يجده الشاب اليافع الممتلىء قوة ونشاطا فلله تلك الهمم والعزائم، وإن مجالس السكينة والرحمة، هي مجالس تتنزل على أهلها السكينة وتغشاهم الرحمة وتحفهم الملائكة ويذكرهم الله فيمن عنده، ويباهي الله بأهلها الملائكة، ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال خرج معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما على حلقة في المسجد، فقال ما أجلسكم؟

قالوا جلسنا نذكر الله، قال آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل حديثا مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله، ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنّ به علينا، قال آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكه ” رواه مسلم، ويقول الإمام النووي رحمه الله تعالي قوله إن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة، معناه يظهر فضلكم لهم، ويريهم حسن عملكم، ويثني عليكم عندهم.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى