مقال

عليكم بالإنخراط في الأوساط الإيمانية

جريدة الأضواء المصرية

عليكم بالإنخراط في الأوساط الإيمانية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 16 ديسمبر 2024
الحمد لله السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ثم أما بعد إن من الأمور المهمة في العبادة وتربية النفس عليها، هو الإنخراط في الأوساط الإيمانية، فدع عنك قساة القلوب وشلل الأنس، ولكن عليك بالذين إمتلأت قلوبهم إيمانا، فإذا ذكر الله وجلت قلوبهم، يحبون القراءة في المصحف، وشعارهم قيام الليل، حيث قال عليه الصلاة والسلام “إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين” وأفصحها بضم الراء رُفقة، بالقرآن حين يدخلون بالليل” إذا دخلوا إلى بيوتهم من المسجد أو من شغل خارج البيت إذا دخلوا يعرفهم بأصواتهم بالقرآن وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أري منازلهم بالنهار” رواه البخاري.

وهذا في فضل الأشعريين، ومن الأمور كذلك أنه إذا أذن المؤذن أوقفوا أعمالهم وأنهوا ما لديهم وهرعوا إلى الصلاة، وإن بقاء الإنسان فيها لا شك أن فيه تربية لنفسه على العبادة، أما أن يكونوا من المتخلفين عن صلاة الجماعة، وبالذات كانوا دعاة فإنها نقيصة وعيب من العيوب، وكما أن من الأمور المهمة في العبادة وتربية النفس عليها، هو تخصيص وقت من اليوم للعبادة والأذكار، وأنه لا بد من وجود أوقات للعبادة والأذكار في اليوم، لا تشغل بأي شيء آخر ولا تزاحم، ولا يصلح الإعتذار بأعمال الدعوة وإنكار المنكر وطلب العلم عن هذه الأوقات ولا يصلح أن نزاحم الأذكار والمواسم بأعمال أخرى هي من العبادة، لكنها تؤدي إلى إسقاط الأذكار والنوافل بالكلية، وقد يطرأ على الإنسان في بعض الأحيان شيء.

يشغله عن أذكار ما بعد الصلوات أو أذكار النوم أو يفوته شيء من قيام الليل، لكن أنه يشتغل بأشغال ولو كانت من باب الدعوة، أو القراءة بحيث إنها تشغله دائما عن النوافل والعبادات والأذكار، فتجده دائما منشغلا عن الأذكار ليس عنده وقت للدعاء، فهذا شيخ الإسلام رحمه الله كان يخرج بطلابه إلى السوق لإنكار المنكر، ويكسرون آلات اللهو ويشقون جرار الخمر، ويخرج لتنظيم العساكر والجهاد، ويعلم ويعمل أشياء كثيرة، لكن الأمر في حياته كما يقول تلميذه رحمه الله وحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من إنتصاف النهار، ثم التفت إليّ وقال هذه غدوتي، ولو لم أتغدي هذا الغداء سقطت قوتي، وقال لي مرة لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد لتلك الراحة إلى ذكر آخر.

فهذه غدوته ولو لم أتغدي هذا الغداء، فما هو الغداء؟ فإنه من صلاة الفجر إلى أن ينتصف النهار ذكر لله تعالي، أي قراءة وذكر ودعاء، فيقول لو لم أتغدي هذا الغداء سقطت قوتي، ولا يصلح إشغال أوقات العبادات المشروعة بأمور أخرى دائما، وأن يقول إنسان بعد كل صلاة سأشتغل بشيء آخر، وأقرأ في كتب، وينسى أن يقرأ الأذكار، ووقت ورد القرآن لا يصلح أن يُترك ويُشغل بشيء آخر لا بد أن نحافظ على هذه الثوابت في حياتنا، وأقول لشباب الصحوة لا ينبغي أن تشغلنا الأحداث المتلاحقة عن أداء العبادات، ألم تري أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما ترك الأذكار في ليلة صفين، قالوا ولا ليلة صفين؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصاه هو وفاطمة أن يسبحا الله ثلاثا وثلاثين، ويحمدا الله ثلاثا وثلاثين، ويكبرا الله أربعا وثلاثين، فقالوا ما تركتها ولا ليلة صفين ؟

ولا في معركة، قال ولا ليلة صفين، فبعض الشباب إذا طرأت عليهم أحداث وأحوال ينسون الأذكار وينسون الأدعية والصلوات، أقول إذا حصل يحصل أحيانا فقد يطرأ على الإنسان طارئ، فقد قام النبي عليه الصلاة والسلام مرة مسرعا من بعد الصلاة مباشرة لأنه تذكر شيئا، أما أن الإنسان يكون دائما في طوارئ وأشياء تشغل عن العبادات، ولا يصبح هناك في اليوم متسع لأذكار الصباح والمساء والنوم وورد القرآن والأدعية، فهذا خطأ، فهذه بعض من الأمور المهمة في العبادة وتربية النفس عليها، فلا بد من العلم بها، ومعرفة فضلها، والمسارعة إليها، والإجتهاد فيها والتنويع والإستمرار عليها، وعدم إملال النفس ورجاء القبول مع خوف الرد، وإستدراك ما فات منها، وقراءة سير العباد والزهاد، والتعود عليها منذ سنٍ مبكرة، والإنخراط في الأوساط الإيمانية، وعدم إشغال أوقات الأذكار والأدعية بأمور أخرى ولو كانت من الصالحات، لأجل ألا تضيع هذه العبادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى