مقال

العاقل يكثر أصدقاءه ويقلل أعداءه

جريدة الأضواء المصرية

العاقل يكثر أصدقاءه ويقلل أعداءه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 21 نوفمبر 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، اعلم أخي الكريم بأن العاق ليومه من أذهبه في غير حق قضاه أو فرض أداه، أو حمد حصله أو علم تعلمه، أو قرابة وصلها، أو خير أسداه، فينبغي أن يكون حولك أو في يدك كتاب دائم، لأن هناك أوقات تذهب هدرا، والكتاب خير ما يحفظ به الوقت ويعمر به الزمن، فإن حافظ القرآن، التالي له آناء الليل وأطراف النهار لا يشكو مللا ولا فراغا ولا سأما، لأن القران ملأ حياته سعادة، فلا تتخذ قرارا حتى تدرسه من كافة جوانب، ثم إستخر الله وشاور أهل الثقة، فإن نجحت فهذا المراد وإلا فلا تندم، فالعاقل يكثر أصدقاءه ويقلل أعداءه.

فإن الصديق يحصل في السنة والعدو يحصل في يوم، فطوبى لمن حببه الله إلى خلقه، إن الكلمة هي معيار سعادة الإنسان أو شقائه، فبكلمة ينال العبد رضوان الله تعالي فيرفعه بها إلى أعلى الدرجات، وبكلمة يسخط الله عليه فيهوي بها إلى أسفل الدركات، ففي الصحيحين عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم” فكم من كلمة طيبة كتب الله بها الرضوان تدفع عن مسلم أذى، أو تنصر مظلوما أو تفرج كربة، أو تعلم جاهلا، أو تذكر غافلا، أو تهدي ضالا، أو ترأب صدعا أو تطفئ فتنة؟ وكم من مشاكل حلت، وكم من صلات قويت، وكم من خصومات زالت بكلمة طيبة؟

وكم من كلمة خبيثة مزقت بين القلوب وفرقت بين الصفوف وزرعت الأحقاد والضغائن في النفوس وخربت كثيرا من البيوت؟ فمن ألجم لسانه بلجام الإيمان وعطره بطيب الأقوال وقاده الرحمن إلى الرضوان وأعالي الجنان، ومن لطخ لسانه بقبح الكلام من زور وفحش وكذب وبهتان هوى به الشيطان إلى دركات النار فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟” رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، فالسلف الصالح والمؤمنون الصادقون الصالحون كانوا يتعهدون ألسنتهم ويحرصون على إنتقاء كلماتهم وألفاظهم فعاشوا أتقياء أنقياء أصفياء وسعداء، فهذا هو الأحنف ابن قيس يخاصمه رجل فيقول له لئن قلت واحدة لتسمعن عشرا، فيقول له الأحنف لكنك والله لو قلت عشرا ما سمعت واحدة”

ويقول وهب بن منبه “ثلاث من كن فيه أصاب البر سخاوة النفس، والصبر على الأذى، وطيب الكلام” وإن الكلام اللين يغسل الضغائن المستكنة في النفوس، ويحول العدو اللدود إلى حميم ودود، وقيل أنه مر يهودي يجر وراءه كلبا بإبراهيم بن أدهم فأراد أن يستفزه فقال له يا إبراهيم ألحيتك أطهر من ذنب هذا الكلب أم ذنبه أطهر منها؟ فرد عليه إبراهيم بهدوء المؤمنوأدبه وقوة حجته إن كانت لحيتي في الجنة فهي أطهر من ذنب كلبك، وإن كانت في النار لذنب كلبك أطهر منها، فما كان من اليهودي إلا أن قال دين يأمر بهذه الأخلاق حري بي أن أتبعه، ونطق الشهادتين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى