ألا فكلكم راع وكلكم مسئول بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الأربعاء الموافق 13 نوفمبر 2024 الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلا، ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها فلم يتخذوا سواها شغلا، وسهل لهم طرقها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذللا، وكمل لهم البشرى بكونهم خالدين فيها لا يبغون عنها حولا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وسلم ثم أما بعد قال أبو حازم الأعرج رحمه الله تعالى اكتم حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك، وقال أيوب السختياني رحمه الله تعالى لأن يستر الرجل الزهد خير له من أن يظهره، وكتب سفيان االثوري رحمه الله تعالى إلى صاحبه عباد بن عباد رسالة فيها إياك وحب الرئاسة، فإن الرجل تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة، فتفقد نفسك واعمل بنية، وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى.
ما من أحد أحب الرئاسة إلا حسد وبغى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يُذكر أحد بخير، وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى وقد يكون الواعظ صادقا قاصدا للنصيحة إلا أن منهم من شرب الرئاسة في قلبه مع الزمان فيحب أن يعظَّم، وعلامته أنه إذا ظهر واعظ ينوب عنه أو يعينه على الخلق كره ذلك ولو صح قصده لم يكره أن يعينه على خلائق الخلق، وقال كذلك ومنهم من يفرح بكثرة الأتباع ويلبّس عليه إبليس بأن هذا الفرح لكثرة طلاب العلم، وإنما مراده كثرة الأصحاب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم وعبد الرجل راع على بيت سيده وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته” رواه البخاري ومسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت” أبو داود، أي من يعول أومن وليّ رعايته، وقال صلى الله عليه وسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فإستوصوا بالنساء خيرا” رواه البخاري، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة فإن إستمتعت بها إستمعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها” رواه مسلم، وفي رواية “وإذا إستمعت بها إستمتعت بها وبها عوج ولن تستقيم لك على طريقة أبدا” ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعدل الخلق بين نسائه، وكان له تسع أبيات لزوجاته في نفس الوقت.
وفي يوم كان الدور لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فأعدت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها طعاما يحبه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن دورها في ذلك اليوم، فعن أم سلمة أنها يعني أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فجاءت السيدة عائشة رضي الله عنها متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة ويقول كلوا غارت أمكم مرتين ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطى صحفة أم سلمة عائشة” رواه النسائي وأبو داود وابن ماجة ومالك، فماذا كان رد النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل غضب ؟ فهل قال لها أنتي طالق أو ضربها، كونها أحرجته أمام صحابته؟ بل صار يلملم الطعام عن الأرض بيديه الشريفتين ويقول غارت أمكم غارت أمكم وكلوا ولم يزد على ذلك ولكن أمرها بتعويض أم سلمة بدل صحفتها.