الأمانة وسرعة التنفيذ والإنقياد بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الخميس الموافق 24 أكتوبر 2024 الحمد لله وكفى، وما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلين وشفيعنا يوم الدين، وعلى آله وصحبه وسلم، ثم أما بعد إن كل واحد منكم استرعاه الله على رعية أو عمل فهو في رقبته أمانة يسأل عنها أمام الله تعالي يوم القيامة، فالشعب أمانة في يد الزعماء، والدين أمانة في يد العلماء، والعدل أمانة في يد القضاة، والحق أمانة في يد المحامين، والصدق أمانة في يد الشهود، والمرضى أمانة في يد الأطباء، والمصالح أمانة في يد المستخدمين، والتلميذ أمانة في يد الأستاذ، والمصلون أمانة في يد العاملين بالمسجد، والولد أمانة في يد أبيه، والوطن أمانة في عنق الجميع، ألا ” فليؤدي الذي أؤتمن أمانته وليتقي الله ربه “
فبادر بذلك يا أخي المسلم حتى لا تقع في زمرة الخائنين وتحمل الأمانة على عاتقك في الآخرة حتى تؤديها لصاحبها، فعن عبد الله بن مسعود، قال “القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة، قال يؤتى بالعبد يوم القيامة، وإن قتل في سبيل الله فيقال أد أمانتك، فيقول أي رب، كيف وقد ذهبت الدنيا؟ قال فيقال إنطلقوا به إلى الهاوية، فينطلق به إلى الهاوية، ويمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه، فيراها فيعرفها فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه، حتى إذا ظن أنه خارج زلت عن منكبيه، فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين، ثم قال الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وأشياء عددها، وأعظم ذلك الودائع” فأتيت البراء بن عازب فقلت ألا ترى إلى ما قال ابن مسعود؟ قال كذا قال صدق أما سمعت يقول الله تعالي.
“إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها” فالشهادة أعلى المراتب ومع ذلك لم تشفع ولم تغن عن الأمانة، فراجع نفسك وأدي الأمانة قبل أن يرفع لواء غدرك، فتفضح على الملأ أمام الخلائق يوم القيامة، وتأتي معركة أحد الشهيرة لتخلف حاولي سبعين قتيلا من الصحابة ومن لم يمت جرح بالجراحات العظيمة، وتبين للمشركين أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لم يُقتلوا كما علم أبو سفيان من المحاورة التي دارت بعد المعركة، فخشي الصحابة أن يرجع الكفار وأن يستديروا لإستئصالهم، لكن الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم صدر بالخروج من ميدان المعركة أحد، إلى حمراء الأسد وعدم الرجوع إلى المدينة والقوم تعلوهم الجراحات الأليمة والإنهاك والتعب الشديد من آثار المعركة.
إلا أنه لما صدر الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم نفذوا الأمر مباشرة، فقال الله تعالي ” الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم، الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذوا فضل عظيم ” وهذا أحد الصحابة رضي الله عنه يلبس خاتما من ذهب لا يدري أنه قد نزل حكم بتحريم لبس الذهب للرجال، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم نزعه من يديه وطرحه، وقال يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده.
فقيل للرجل بعد ما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به، قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه النبي صلى الله عليه وسلم، فانظر إلى سرعة التنفيذ والإنقياد مع أنه يجوز له أخذ الخاتم والإنتفاع به ولكن لأن النبي صلى الله عليه وسلم طرحه فلا يمكنه أخذه أبدا.