مقال

تحمل الأذي وسوء الخلق من الناس

جريدة الأضواء المصرية

تحمل الأذي وسوء الخلق من الناس
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد إن من أَجلّ العبادات التي ترفع بها الدرجات المسابقة إلى فعل الخيرات وهي خصلة من طرق أبوابها، ولازم طريقها منحت له النجاة، وطيبت له الحياة، وفتحت له أبواب الجنة بعد الممات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أنبئكم بخيركم؟ قالوا نعم، قال خياركم أطولكم أعمارا، وأحسنكم أعمالا” والإحسان إلى خلق وسيلة من وسائل السعادة وطريق إلى الشعور بحلاوة الإيمان.

وذلك يحتاج إلى قلب نقي تقي طاهر ونفس لا تحمل للناس الا كل خير، ولكم يحس المؤمن بطعم الإيمان حينما تمتد يده لمساعدة الناس حينما تمتد يده لتأخذ بيد مصاب أو منكوب، وحينما تمد يده لمسح دمعة حزين أو تمسح على رأس يتيم، والإحسان إلى الناس يقتضي الصبر على أذاهم وتحمل سوء الخلق منهم، وقيل أنه شتم رجل ابن عباس رضي الله عنهما، فقال له إنك لتشتمني وفيّ ثلاث خصال إني لآتي على الآية في كتاب الله فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلي لا أقاضي إليه أبدا، وإني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدا من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به سائمة” وقيل أنه مر يهودي معه كلب على إبراهيم بن ادهم رحمه الله فقال له أيهما اطهر لحيتك أم ذيل كلبي ؟

فرد عليه بهدوء قائلا إن كانت لحيتي في الجنة فهي أطهر من ذيل كلبك وإن كانت في النار، لذيل كلبك اطهر منها، فما ملك اليهودي نفسه إلا أن قال أشهد أن لا اله ألا الله وأن محمدا رسول الله فما هذا إلا خلق الأنبياء، وروي أن أبا حنيفة رضي الله عنه كان له على بعض المجوس مال فذهب إلى داره ليطالبه به، فلما وصل إلى باب داره وقع على نعله نجاسة، فنفض نعله فإرتفعت النجاسة عن نعله، ووقعت على حائط المجوسي فتحير أبو حنيفة وقال إن تركتها كان ذلك سببا لقبح جدار هذا المجوسي وإن حككتها انحدر التراب من الحائط، فدق الباب فخرجت الجارية فقال لها قولي لمولاك إن أبا حنيفة بالباب فخرج إليه وظن أنه يطالبه بالمال فأخذ يعتذر، فقال أبو حنيفة هاهنا ما هو أولى وذكر قصة الجدار وكيف السبيل إلى تطهيره.

فقال المجوسي فأنا ابدأ بتطهير نفسي فأسلم في الحال، وقيل أنه كان معروف الكرخي جالسا ذات يوم على نهر دجلة ببغداد فمر به صبيان في زورق يضربون بالملاهي ويشربون فقال له أصحابه، أما ترى هؤلاء يعصون الله تعالى على هذا الماء؟ ادعو عليهم فرفع يديه إلى السماء وقال الهي وسيدي كما فرحتهم في الدنيا أسألك أن تفرحهم في الآخرة، فقال له صاحبه أنما سألناك أن تدعو عليهم ولم نقل ادعو لهم، فقال أذا فرحهم في الآخرة تاب عليهم في الدنيا ولم يضركم هذا، فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ووفقنا لطاعتك وطاعة رسولك، وثبتنا على دينك حتى نلقاك، يا رب العالمين، وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى