دين ودنيا

طيّر ذكر جهنم نوم العابدين

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 23 أغسطس 2024
الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد أيها الإخوة الأخيار ما أحوجنا إلى أن نترسم خطا الصحابة الكرام رضوان الله تعالي عنهم أجمعين، ونقتبس آثارهم، فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح، فلقد حكّم الصحابة رضي الله عنهم رسول الله في أنفسهم وأموالهم فقالوا هذه أموالنا بين يديك فاحكم فيها بما شئت، هذه نفوسنا بين يديك لو استعرضت بنا البحر لخضناه نقاتل بين يديك ومن خلفك، وعن يمينك وعن شمالك، وما غزوة بدر عنا ببعيد، لما لقي النبي وأصحابه العدو على غير ميعاد، وعلى غير إستعداد، قام فيهم رسول الله خطيبًا فقال “أشيروا عليّ أيها الناس” فقام أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقال وأحسن القول.

ثم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال وأحسن القول، ثم قام المقداد بن عمرو رضي الله عنه فقال يا رسول الله، امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك دونه حتى تبلغه، ثم قام سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال والله، لكأنك تريدنا يا رسول الله، قال “أجل” قال فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا.

إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك، فسِر بنا على بركة الله، فسر رسول الله ثم قال “سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم” وفي خوف وخشية الصحابة من العزيز الوهاب روي عن معاوية الكندي قال “مر عطاء السلمي على صبي معه شعلة نار، فأصابت النار الريح، فسمع ذلك منها، فغشي عليه” وقال الحسن “كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ربما توقد له النار، ثم يدني يديه منها، ثم يقول يا ابن الخطاب هل لك على هذا صبر؟” وكان الأحنف بن قيس يجيء إلى المصباح بالليل، فيضع أصبعه فيه، ثم يقول حس حس، ثم يقول “يا حنيف، ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟” وقال البختري بن حارثة.

“دخلت على عابد، فإذا بين يديه نار قد أججها، وهو يعاتب نفسه، ولم يزل يعاتبها حتى مات” وكان كثير من الصالحين يذكر النار وأنواع عذابها برؤية ما يشبهه بها في الدنيا، أو يذكره بها كرؤية البحر وأمواجه، والرؤوس المشوية، وبكاء الأطفال، وفي الحر والبرد، وعند الطعام والشراب، وغير ذلك، ومن الخائفين من منعه خوف جهنم من النوم، قال أسد بن وداعة “كان شداد بن أوس، إذا أوى إلى فراشه، كأنه حبة على مقلى، يقول اللهم إن ذكر جهنم لا يدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه” وقال أبو سليمان الداراني “كان طاووس يفترش فراشه، ثم يضطجع عليه، فيتقلى كما تقلى الحبة على المقلى، ثم يثب، فيدرجه، ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول طيّر ذكر جهنم نوم العابدين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى