الدكروري يكتب عن الخيانة في الأمانة بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد لقد حذر الإسلام من النفاق وإن المنافق إنسان يحترف الكذب، ويُكثر من الكذب، ولا يعرف إلى الصدق سبيلا، وقد شهد الله تعالى بذلك فقال سبحانه ” والله يشهد إن المنافقين لكاذبون” فمن أراد أن يبرّئ نفسه من النفاق وينأى بنفسه عن صفات المنافقين، فليلزم الصدق، وليبتعد عن الكذب فإن الصدق طريق إلى كل خير، كما أن الكذب طريق إلى كل شر، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقا،
وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا” وكما أن إخلاف الوعد وعدم الوفاء به من صفات المنافقين، فالمنافق يعد الناس فيخلف وعده عمدا من دون عذر، لا وفاء لديه، بينما الوفاء بالعهود والوعود من صفات المؤمنين المتقين، فواجب على المسلم أن يفي بما إلتزم به مع الآخرين من عهود ووعود وعقود في بيع أو إجارة أو عمل، أوغير ذلك من العهود المعروفة، وسواء كانت هذه العقود والعهود والوعود مبرمة بين المسلم وأخيه المسلم، أو بين المسلم وغير المسلم فالوفاء واجب مع الجميع وليعلم العبد أنه سيسأل عن وعوده وعهوده يوم القيامة، فقد قال عز وجل ” وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا “
وكما أن الخيانة في الأمانة من خصال النفاق وربنا سبحانه وتعالى يأمرنا بأداء الأمانة، وينهانا عن خيانتها، وكما أن الغدر ونقض العهد من صفات المنافقين، والذي يغدر بمن أخذ عليه العهد والميثاق فيه خصلة من خصال النفاق والغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره، ولو كان المعاهد كافرا، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليُوجد من مسيرة أربعين عاما” وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لكل غادر لواء يوم القيامة يُعرف به” وكما أن الوفاء بالعهد واجب مع الناس أجمعين، وكما أن من صفات المنافق إذا خاصم فجر، أي مال في الخصومة عن الحق.
واقتحم الباطل، فالمنافق يخاصم بالباطل، ويجادل بالباطل، ويختلق التهم والأكاذيب، ويفشي الأسرار، ويسب ويشتم، ويدعي ما ليس له، أو يجحد ما كان عليه، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصم” والألد الخصم هو المعوجّ عن الحق، المولع بالخصومة والماهر بها، فاللهم رغبنا فيما يبقى وزهدنا فيما يفنى واغفر لنا الآخرة والأولى، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء، اللهم اجعل رزقنا رغدا ولا تشمت بنا أحدا ولا تجعل لكافر علينا يدا، اللهم آمنا في أوطاننا واحفظ اللهم أولات أمورنا ووفق بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم اكف المسلمين كيد الكفار ومكر الفجار وشر الأشرار وشر طوارق الليل والنهار يا عزيز يا غفار.