الدكروري يكتب عن النصر ولحظات الابتلاء بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الجمعة الموافق 19 يناير 2024
الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد صدق الله العظيم عندما قال “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” فكان النبي صلي الله عليه وسلم خلقه القرآن، فكان كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “كان خلقه القرآن” كأنه قرآن يمشي على الأرض” ولكن هناك مواقف بعينها تستحق الوقوف أمامها، لتعكس ما كان عليه النبي الكريم، في الحزن والسرور، والنصر ولحظات الابتلاء، وتتجلي هذه المواقف في ثلاثة أيام، وهم يوم الطائف، ويوم أحد، ويوم فتح مكة، فأين كان قلب النبي الكريم في هذه الأيام، وفي تلك اللحظات، فلما توفي أبو طالب.
اجترأت قريش علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونالت منه، فخرج إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة، وذلك في ليال بقية من شوال سنة عشر من حين نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقام بالطائف عشرة أيام لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، ومنهم سادة ثقيف وأشرافهم، وهم عبد يا ليل، ومسعود وحبيب بنو عمرو بن عمير بن عوف، فجلس إليهم فدعاهم إلى الله، وكلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه، فقال أحدهم هو يعني نفسه، يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وقال الآخر أما وجد الله أحدا أرسله غيرك؟ وقال الثالث والله، لا أكلمك أبدا، لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله، ما ينبغي لي أن أكلمك.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم، وقد يئس من خير ثقيف، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، وألجأوه الى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد الى ظل حبلة من عنب فجلس فيه، وابنا ربيعة ينظران اليه، ويريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف، فلما اطمأن قال فيما ذكر “اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة،
من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك” وكان عندما وقعت الهزيمة في صفوف المسلمين، وقتل سبعون من عظماء الصحابة، وفر من فر منهم، وقد سرت شائعة بموت الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن سرعان ما تأكد المسلمون من كذبها، وإن كان هذا لا ينفي حقيقة أن إصابات طالت جسد النبي الشريف صلى الله عليه وسلم، حتي إنه اشتكي منها شهرا بعد أحد، ولكن في نهاية المعركة، كيف كان حال النبي صلي الله عليه وسلم، وبعد كل هذه الجراحات، وفقدان أصحابه، تروي كتب السيرة ما كان عليه قلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، حتي إنه جمع الصحابة بعد انتهاء المعركة، ليقول لهم ما رواه الإمام أحمد، لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” استووا حتى أثني على ربي عز وجل، فصاروا خلفه صفوفا.
فقال”اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم، الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك العون يوم العيلة، والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق”