الدكروري يكتب عن التعويض بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الأحد الموافق 10 ديسمبر 2023
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وصلى الله وسلم على عبدالله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قال إبراهيم الأشعث سمعت الفضيل يقول رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة، من عمل بما علم استغنى عما لا يعلم، ومن عمل بما علم وفقه الله لما يعلم، ومن ساء خلقه شان دينه وحسبه ومروءته، وقال بعض الزهاد ما علمت أن أحدا سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر، أو صلاة، أو قراءة، أو إحسان، فقال له رجل إني أكثر البكاء، فقال إنك إن تضحك مقر بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك، وإن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه، فقال أوصني، فقال دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها.
وكن في الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا، وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه، واعلموا يرحمكم الله ما تذكر أحد الموت إلا هانت الدنيا في عينه، وزالت الغشاوة من أمام ناظره فإنها سنوات معدودة مهما جمعت فيها ومهما حصلت على كنوزها فإن وراء ذلك هادم اللذات ومفرق الجماعات، وقال الحسن إن الموت فضح الدنيا، فلم يترك لذي لب فيها فرحا، وأي فرح وها هي الدنيا قد نادت الدنيا على نفسها، ولو كان في العالم من يسمع، فكم واثق بالعمر أفنيته، وجامع بددت ما يجمع، وقال أبو عبيدة الناجي رحمه الله دخلنا على الحسن البصري رحمه الله في يومه الذي مات فيه، فقال مرحبا بكم وأهلا، وحياكم الله بالسلام، وأحلنا وإياكم دار المقام، هذه علانية حسنة إن صدقتم وصبرتم.
فلا يكونن حظكم من هذا الأمر أن تسمعوه بهذه الآذان، وتخرجوه من هذه الأفواه، فإن مَن رأى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه غاديا ورائحا، لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، ولكن رفع له علم فشمر إليه الوحا الوحا، النجاء النجاء، علام تعرجون؟ ارتبتم ورب الكعبة، كأنكم والأمر معا، رحم الله امرءا جعل العيش عيشا واحدا، فأكل كسرة، ولبس خلقا، ولصق بالأرض، واجتهد في العبادة، وبكى على الخطيئة، وفر من العقوبة، وطلب الرحمة، حتى يأتيه أجله وهو على ذلك، وأما عن موضوع التعويض، فإن التعويض موجود غي حياتنا ويتمثل في إلزام المخطئ بالتعويض لفائدة صاحب الحق المتضرر، كما قد يحكم بالتعويض فى حالة ما إذا كان التنفيذ مستحيلا أو غير مجديا، كما تقضي بذلك المادة من القانون المدنى.
وأيضا إعادة الحالة إلى ما كانت عليها قبل حدوث المخالفة، أو رد الشيء إلى أصله، ولقد فطر الله تبارك وتعالى العباد على قبول الحق والانقياد له، والطمأنينة به، والسكون إليه، ومحبته، وفطرها كذلك على بغض الباطل والكذب، والنفور عنه، وعدم السكون إليه، ولو بقيت الفطر على حالها لما آثرت على الحق سواه، ولما سكنت إلا إليه، ولا اطمأنت إلا به، ولا أحبت غيره، ومن تدبر القرآن الكريم أيقن أنه حق وصدق، بل أحق كل حق، وأن الذى جاء به أصدق خلق الله، وأبرهم، وأتقاهم، وأعلمهم، ولهذا ندب الله تعالى عباده إلى تدبر القرآن الكريم، فقال سبحانه وتعالى فى سورة محمد ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” فلو رفعت الأثقال عن القلوب لباشرتها حقائق القرآن.
واستنارت فيها مصابيح الهدى والإيمان، وعلمت أنه الحق، وما سواه باطل، فقال سبحانه وتعالى فى سورة سبأ ” ويرى الذين أوتوا العلم الذى أنزل إليك من ربك الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد” فهذه القلوب هى التي تنقاد لحكم الله، وتسلم لأمره.