مقال

المؤمن مطالب بالسعي الدؤوب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المؤمن مطالب بالسعي الدؤوب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 6 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، الذي كان من إخباره صلوات الله وسلامه عليه عن مصارع الطغاة وصناديد قريش في بدر قبل المعركة، فعن أنس رضي الله عنه قال ” كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال، وكنت رجلا حديد البصر، فرأيته وليس أحد يزعم أنه رآه غيري، قال فجعلت أقول لعمر أما تراه؟ فجعل يقول لا يراه، قال، يقول عمر سأراه وأنا مستلق على فراشي، ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس، يقول هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله، قال، فقال عمر فو الذي بعثه بالحق ما أخطؤوا الحدود التي حد رسول الله صلى الله عليه وسلم” رواه مسلم.

وإن المؤمن مطالب بالسعي الدؤوب للمساهمة في حل المشكلات، وتذليل الصعوبات والاهتمام بأمر المسلمين والمبادرة في اعمال الخير والاصلاح، وتضييق هوة الخلاف بين المتنازعين وتوفير المناخ الملائم للتصافي النفسي والتآلف الاجتماعي، وإن قيم الإسلام الأخلاقية من كظم الغيظ والعفو والتسامح والصفح الجميل، كلها قيم ضرورية لتحقيق الإصلاح بين الناس وإقامته على أصول قوية، لأن ذلك من شأنه أن يخفف من حدة الخصومة ويهيئ النفوس للتراضي والتصافي وجلب العواطف الإنسانية من كوامنها، واستدعاء نوازع الخير في نفوس المؤمنين وقد حضنا ديننا الحنيف على ذلك، وإن الإيمان بالله عز وجل بوجوده، وبعلمه الواسع الذي لا يُحدّ، الإيمان العميق الذي يتغلغل في أعماق النفس.

والإيمان بقدرته العظيمة، وباستيلائه العظيم، وبعقابه الشديد، وحسابه السريع، إن هذا الإيمان إذا غمر صدرا لا يمكن لصاحبه بحال من الأحوال أن يقع في الجريمة،و لقد عبّر عن هذا المعنى أدق تعبير، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن” رواه البخاري، ومسلم، فقد جاء رجل مُسرف على نفسه إلى رجل من الصالحين، فقال له إني أريد التوبة ولكن نفسي تغلبني فلا أستطيع، قال له الرجل الصالح إذا أردت أن تعصي الله، فلا تأكل من رزقه، قال فمن أين آكل وجميع ما في الأرض من رزقه؟ فقال وإذا أردت أن تعصيه، فلا تسكن في بلاده، قال إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له، فأين أسكن؟

قال إذا أردت أن تعصيه، فانظر موضعا لا يراك فيه مبارزا له فاعصه فيه، قال كيف يمكن هذا وهو مطلع على السرائر، يعلم خائنةَ والأعين وما تخفي الصدور؟ قال إذا أردت أن تعصيه، فقل لملك الموت إذا جاءك أخّرني حتى أتوب توبة نصوحا، وأعمل عملا صالحا، قال لا يقبل مني لأن الناس إذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون، فقال له وبعد هذا كله إذا أردت أن تعصيه، وجاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار، فلا تذهب معهم، قال لن أستطيع، فقال له أفيحسن بك أن تأكل من رزقه، وتسكن في بلاده، وتعصيه وهو يراك، وأنت لا تقدر أن تدفع الموت عنك، ولا الفرار من عقوبته يوم القيامة، ثم بعد ذلك تعصيه؟ لقد كان هذا الإيقاظ للإيمان سببا في أن يقلع هذا الإنسان عن المعاصي حتى أصبح رجلا فاضلا.

والإيمان باليوم الآخر وبأركان الإيمان الأخرى سبب من أكبر الأسباب التي توجد في نفس الإنسان امتناعا عن ارتكاب الجريمة، وأوامر الشريعة ونواهيها لم تأتى إلا بعد أن مرّ الناس بمراحل أعدّوا فيها إعدادا إيمانيا جيدا، فتقول السيدة عائشة رضى الله عنها “إنما نزل أول ما نزل من القرآن سورة من المفصّل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء،لا تشربوا الخمر، لقالوا لا ندع الخمر أبدا” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى