مقال

الدكروري يكتب عن أعظم المخاطر على دين العبد

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أعظم المخاطر على دين العبد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من أعظم المخاطر على دين العبد هو السَّير وراء حب هذه الدنيا الفانية بدون ضوابط شرعية ولا قيود دينية، وإن من أشد الفتن على المسلم هو التكالب على متاع هذه الحياة الزائلة، وجعلها الغاية والهدف بحد ذاته دون رقابة إيمانية، ومراعاة لأحكام إسلامية، وإن من الفتن الخطيرة على المسلم، هو أن يجعل الدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، ومحور سعيه، وغاية وجوده، ومن غلب حب دنياه على حب دينه، وقدَّم شهواته على طاعة مولاه، فقد وقع في حبائل الشيطان الجسام، ومصائده العظام، وإن نهاية عام تعني ذهاب ثلاث مائة وستين يوما من عمر الإنسان، وتلك تحوي أعدادا كثيرة من الساعات وأضعافها من الدقائق والثواني، وكما تحوي عددا من الأعمال دقت أو جلت، صلحت أم خبثت.

 

وتحوي في طياتها عددا من الخطرات، وأنواعا من الهواجس، وألوانا من الحركات، وهذه فيها الصالح والطالح، وفيها ما هو في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وفيها ما تهوى الأنفس وتلذ الأعين وإن كانت في غير مرضاة الله تعالى، ومخالفة لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الأيام والساعات والدقائق أيضا فإن هناك أعمال صالحة تسر النفس لذكراها، ويود المرء لو كانت حياته كلها على منوالها، وقد يكون فيها من أعمال السوء ما يود صاحبها أن يتناساها، ويرغب أنه لم يقترفها، ويوم القيامة يود لو كان بينه وبينها أمد بعيدا، فهلا تفكرتم أين من كان قبلكم في الأوقات الماضية، أما وافتهم المنايا وقضت عليهم القاضية، وقد رحلوا إلى القبور وقل والله بعدهم بقاؤنا، وهذه دورهم فيها سواهم.

 

وهذا صديقهم قد نسيهم وجفاهم، وأخبارهم السالفة تزعج الألباب، وأدكارهم يصدع قلوب الأحباب، وأحوالهم عبرة للمعتبرين، فتأملوا أحوال الراحلين، واتعظوا بالأمم الماضين، لعل القلب القاسي يلين، وانظروا لأنفسكم ما دمتم في زمن الإِمهال، واغتنموا في حياتكم صالح الأعمال، قبل أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله، فيقال هيهات فات زمن الإمكان، وحصل الإنسان على عمله من خير أو عصيان، فنسألك اللهم يا كريم يا منان، أن تختم عامنا هذا بالعفو والغفران، والرحمة والجود والامتنان، وأن تجعل عامنا المقبل عاما مباركا حميدا، وترزقنا فيه رزقا واسعا وتوفيقا وتسديدا، واللهم اختم بالصالحات أعمالنا، وأصلح لنا جميع أحوالنا، فراجع نفسك.

 

فعلى أي شيء تطوي صحائف هذا العام، فلعله لم يبق من عمرك إلا ساعات أو أيام، فاستدرك عمرا قد أضعت أوله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك” فهكذا أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، باغتنام هذه الخمس قبل حلول أضدادها، فاتقوا الله عباد الله واستدركوا ما فات بالتوبة واستقبلوا ما بقى بالعمل الصالح، فإن إقامتكم في هذه الدنيا محدودة وأيامكم معدودة وأعمالكم مشهودة، فوالله ثم والله إنه لينتظرنا كأس لزاما علينا أن نذوقه إنه الموت فوالله لأموت أنا وتموت أنت ويموت كل حي شئنا أم أبينا رضينا أم لم نرضى، وأن بعد الموت قبر وبعث ونشور.

 

وكتاب يسطر كل ما عملناه في أعمارنا وأن هناك يوم جزاء وحساب فإما جنة أو نار، جزاء على ما قدمناه في أيامنا وحياتنا، فمن قضى عمره في طاعة ربه ومولاه وقدم خيرا فهو إلى خير ونعيم أبدي إنشاء الله، ومن قضى عمره في اقتراف الشرور المعاصي وإغضاب ربه عز وجل فهو إلى شر وشقاء أبدي ألم يتداركه الله عز وجل برحمته، فهل ترى هذه الأعمال والحركات والرصيد المتجمع خلال عام أليس خليقا بالمحاسبة والتذكر؟ والمحاسبة النافعة هي التي تقود صاحبها إلى استدامة عمل الخير، وقصر النفس قدر المستطاع عن عمل السوء، والنظر في العواقب تلقيح العقول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى