
الدكروري يكتب عن الصحابي أسعد بن زرارة
بقلم محمد الدكروري
الصحابي الجليل أسعد بن زرارة الأنصاري الخزرجي النجاري، فهو قديم الإسلام، وقد شهد العقبتين وكان نقيبا على قبيلته ولم يكن في النقباء أصغر سنا منه، ويقال أنه أول من بايع ليلة العقبة، وكان يكنى أبا أمامة، وكان يلقب نقيب بني النجار، وهو الصحابى أسعد بن زرارة ابن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، وهو السيد نقيب بني النجار أبو أمامة الأنصاري الخزرجى، وهو من كبراء الصحابة وقد توفي شهيدا بالذبحة فلم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم بعده نقيبا على بني النجار وقال لهم أنا نقيبكم، فكانوا يفخرون بذلك وقد قال ابن إسحاق عنه أنه توفي والنبي صلى الله عليه وسلم يبني مسجده قبل بدر وقال أبو العباس الدغولي قيل إنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل العقبة الأولى بسنة مع خمسة نفر من الخزرج، فآمنوا به، فلما قدموا المدينة تكلموا بالإسلام في قومهم، فلما كان العام المقبل، خرج منهم اثنا عشر رجلا، فهي العقبة الأولى، فانصرفوا معهم، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم، مصعب بن عمير يقرأهم ويفقههم، وعن محمد بن عبد الرحمن، أن جده أسعد بن زرارة أصابه وجع الذبح في حلقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” لأبلغن أو لأبلين في أبي أمامة عذرا” فكواه بيده فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ميتة سوء لليهود ” يقولون هلا دفع عن صاحبه، ولا أملك له ولا لنفسي من الله شيئا وقيل إنه مات في السنة الأولى من الهجرة رضي الله عنه وقد مات فيها ثلاثة أنفس من كبراء الجاهلية، ومشيخة قريش، وهم العاص بن وائل السهمي، وهو والد عمرو بن العاص، والوليد بن المغيرة المخزومي، وهو والد خالد بن الوليد، وأبو أحيحة سعيد بن العاص الأموي، وعن السيدة عائشة رضى الله عنها، قالت نقب النبي صلى الله عليه وسلم، أسعد بن زرارة، على النقباء، وعن خبيب بن عبد الرحمن، قال خرج أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس إلى مكة إلى عتبة بن ربيعة، فسمعا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتياه، فعرض عليهما الإسلام، وقرأ عليهما القرآن الكريم، فأسلما، فكانا أول من قدم المدينة بالإسلام، وعن أم خارجة قالت أخبرتني النوار أم زيد بن ثابت أنها رأت أسعد بن زرارة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي بالناس الصلوات الخمس، يجمع بهم في مسجد بناه، قالت فأنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما قدم صلى في ذلك المسجد وبناه، وقيل أوصى أسعد ببناته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكن ثلاثا فكن في عيال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدرن معه في بيوت نسائه، وهن فريعة، وكبشة، وحبيبة، فقدم عليه حلي فيه ذهب ولؤلؤ، فحلاهن منه، وعن أبي أمامة بن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم، عاد أسعد، وأخذته الشوكة فأمر به فطوق عنقه بالكي طوقا، فلم يلبث إلا يسيرا حتى توفي رضي الله عنه، وقال ابن إسحاق فلما أراد الله إظهار دينه وإعزاز نبيه، وإنجاز موعوده له، خرج رسول الله صلى الله عليه سلم في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار، فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل موسم، فبينا هو عند العقبة لقى رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم “أمن موالي يهود؟” قالوا نعم فقال صلى الله عليه وسلم ” أفلا تجلسون أكلمكم؟” قالوا بلى، فجلسوا معه فدعاهم صلى الله عليه وسلم إلى الله، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن الكريم، قال وكان مما صنع الله بهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا إن نبيا مبعوثا الآن قد أظل زمانه تتبعه، نقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله، قال بعضهم لبعض يا قوم تعلمون والله إنه النبي الذي توعدكم به يهود فلا يسبقنكم إليه، فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام وقالوا له إنا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم وعسى الله أن يجمعهم بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك وتقرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعنهم الله عليك فلا رجل أعز منك ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم قد آمنوا وصدقوا، وقال أبو نعيم أن أسعد بن زرارة هو أول من أسلم من الأنصار من الخزرج، وروى الإمام أحمد بسنده عن جابر بن عبد الله، قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة وفي المواسم بمنى يقول “من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة” حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر كذا قال فيأتيه قومه فيقولون، احذر غلام قريش لا يفتنك ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله إليه من يثرب, فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن, فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه, حتى لم يبق دار من دور الأنصار، إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام ثم ائتمروا جميعا, فقلنا حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخاف، فرحل إليه منا سبعون رجلا حتى قدموا عليه في الموسم, فواعدناه شعب العقبة فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا, فقلنا يا رسول الله نبايعك, قال صلى الله عليه وسلم “تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر, وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم, وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة” قال، فقمنا إليه فبايعناه, وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم، فقال رويدا يا أهل يثرب فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله, وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خبيئة فبينوا ذلك فهو عذر لكم عند الله, قالوا، أمط عنا يا أسعد, فوالله لا ندع هذه البيعة أبدا ولا نسلبها أبدا, قال، فقمنا إليه فبايعناه, فأخذ علينا وشرط, ويعطينا على ذلك الجنة، وكان من أهم ملامح الصحابى الجليل أسعد بن زراره، هو سرعة إستجابته للحق، ويتضح ذلك عندما عرض الرسول صلى الله عليه وسلم، على النفر الذين جاءوا إلى عتبة، فلقيهم النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن الكريم فأسلموا، وقيل إن أول من قدم بالإسلام إلى المدينة كان أسعد بن زرارة، وكان أيضا من أهم ملامحة الشخصية هو إيجابيته في الدعوة، فقد كان يسعى مع مصعب بن عمير بالمدينة ويتضح ذلك في قصة إسلام أسيد بن حضير وسعد بن معاذ، وكان أيضا من أهم ملامحة رضى الله عنه، هو عمق فهمه مع حداثة سنه وتقديره للبيعة، ويظهر ذلك من موقفه في بيعة العقبة الثانية، فكان هذا هو أسعد بن زرارة الأنصاري الخزرجي النجارى، الذى شهد العقبتين وكان نقيبا على قبيلته ولم يكن في النقباء أصغر سنا منه، وقيل إنه أول من بايع ليلة العقبة، وقيل أنه ذهب أسعد بن زرارة يوما ومعه مصعب بن عمير إلى بستان من بساتين بني عبد الأشهل وهم أحد بطون الأوس، فجلسا فيه، واجتمع حولهما عدد من الذين أسلموا، فرآهما سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير وهما يومئذ سيدا بني عبد الأشهل، ومن سادة الأوس أيضا، فقال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير، لا أبا لك انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارنا، فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيتك ذلك, فهو ابن خالتي، ولا أجد عليه مقدما فأخذ أسيد بن حضير حربته، ثم أقبل إليهم، فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب بن عمير، هذا سيد قومك قد جاءك فاصدق الله فيه، قال مصعب إن يجلس أكلمه، فوقف عليهما متشمتا فقال ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة، فقال له مصعب أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كفّ عنك ما تكره؟ فقال أنصفت، ثم ركز حربته، وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن، فقالا والله لقد عرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله، ثم قال ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين، قالا له تغتسل فتطهر، وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، فقام واغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق، ثم قام فركع ركعتين، ثم قال لهما إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن، وهو سعد بن معاذ، ثم أخذ حربته، وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم، فلما نظر إليه سعد مقبلا، قال أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي، قال له سعد ما فعلت؟ قال كلمت الرجلين، فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت، وقال محمد بن إسحاق وتوفي في تلك الأشهر أي بعد الهجرة مباشرة، أبو أمامة أسعد بن زرارة والمسجد يبنى أي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أخذته الزبحة أو الشهقة، رحمه الله ورضي عنه، وقال البغوي أنه أول من مات من الصحابة بعد الهجرة، وأنه أول ميت صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وروى الواقدي من طريق عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال أول من دفن بالبقيع أسعد بن زرارة، وهذا قول الأنصار، وأما المهاجرون فقالوا أول من دفن به عثمان بن مظعون، ومات أبو أمامة أسعد بن زرارة، قبل غزوة بدر، وقد أخذته الذبحة، والمسجد يبني، فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات في تلك الأيام، وذلك في السنة الأولى من الهجرة، وكانت بدر سنة اثنتين من الهجرة في شهر رمضان، وقيل مات أسعد بن زرارة في شهر شوال على رأس ستة أشهر من الهجرة.