
الدكروري يكتب عن الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع الأحكام الفقهية للصيام، وحمله على أن المراد قرب النهار، كما قال تعالى فى سورة الطلاق “فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف” أى قاربن انقضاء العدة، فإما إمساك أو ترك للفراق، وهذا الذى قاله هو المتعين حمل الحديث عليه أنهم تسحروا ولم يتيقنوا طلوع الفجر، حتى أن بعضهم ظن طلوعه وبعضهم لم يتحقق ذلك، وحكى أبو جعفر بن جرير في تفسيره، عن بعضهم أنه إنما يجب الإمساك من طلوع الشمس كما يجوز الإفطار بغروبها، قلت وهذا القول ما أظن أحدا من أهل العلم يستقر له قدم عليه، لمخالفته نص القرآن في قوله “وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل” وإن من مستحبات الصوم تعجيل الفطر عند بداية دخول وقت صلاة المغرب.
أى أنه يستحب للصائم المبادرة بالإفطار في أول الوقت ولا يؤخره، ويدل عليه من السنة فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر” وقال ابن حجر، قال ابن عبد البر أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور صحاح متواترة، وعند عبد الرزاق وغيره بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأودى قال “كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطارا وأبطأهم سحورا” ويكون ذلك بغروب الشمس، ومن كان وراء أبنية الجبال ولم يشاهد الغروب فيدخل الوقت بغروب شمس أقرب الأمكنة إليه ويكون بإقبال ظلمة الليل وذهاب ضوء النهار، وعن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم”
أى بمعنى دخل وقت الفطر، وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم فلما غربت الشمس قال انزل فاجدح لنا قال يا رسول الله لو أمسيت قال انزل فاجدح لنا قال يا رسول الله إن عليك نهارا قال انزل فاجدح لنا فنزل فجدح ثم قال إذا رأيتم الليل أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم وأشار بإصبعه قبل المشرق” ويدخل وقت صلاة المغرب بغروب الشمس فعن سلمة بن الأكوع “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب” وقد اتفق العلماء على أن أول وقت صلاة المغرب غروب الشمس، ووقع الخلاف في العلامة التي يعرف بها الغروب، ويستحب تعجيل صلاة المغرب لأول وقتها فعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا تزال أمتي بخير.
أو على الفطرة، ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم” وعند ابن ماجه والحاكم وابن خزيمة فى صحيحه بلفظ “لا تزال أمتى على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم ” وقال الشوكانى والحديث يدل على استحباب المبادرة بصلاة المغرب وكراهة تأخيرها إلى اشتباك النجوم، وقد عكست الروافض القضية فجعلت تأخير صلاة المغرب إلى اشتباك النجوم، مستحبا والحديث يرده، وقال أيضا قال النووى فى شرح مسلم “إن تعجيل المغرب عقيب غروب الشمس مجمع عليه” قال وقد حكى عن الشيعة فيه شيء لا التفات إليه ولا أصل له، وأما الأحاديث الواردة في تأخير المغرب إلى قرب سقوط الشفق فكانت لبيان جواز التأخير، وقد سبق إيضاح ذلك لأنها كانت جوابا للسائل عن الوقت، وأحاديث التعجيل المذكورة في هذا الباب وغيره إخبار عن عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتكررة.
التي واظب عليها إلا لعذر فالاعتماد عليها، وقد رواه الجماعة إلا النسائى، وقال الشوكانى والحديث يدل على أن وقت المغرب يدخل عند غروب الشمس، وهو مجمع عليه، وأن المسارعة بالصلاة في أول وقتها مشروعة، وقد ذكر الشوكاني أن وقت صلاة المغرب يدخل بغروب الشمس بالإجماع، وإنما وقع الخلاف في العلامة الدالة على ذلك على ثلاثة أقول فقيل بسقوط قرص الشمس بكماله، وهذا إنما يتم في الصحراء، وأما في العمران فلا، وقيل برؤية الكوكب الليلى، وبه قالت القاسمية، واحتجوا بقوله “حتى يطلع الشاهد” وهو النجم، رواه مسلم والنسائى من حديث أبي بصرة، وقيل بل بالإظلام، وإليه ذهب زيد بن علي وأبو حنيفة والشافعى وأحمد بن عيسى وعبد الله بن موسى والإمام يحيى، واستدلوا بحديث ابن عمر وعبد الله بن أبى أوفى “إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم ” رواه البخارى ومسلم.