مقال

الدكروري يكتب عن رمضان آداب وإلتزام وقرآن ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن رمضان آداب وإلتزام وقرآن ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكــروري

ونكمل الجزء الخامس مع رمضان آداب وإلتزام وقرأن، وكل جرائم الأقوام تتفق على جريمة تكذيب ما جاءت به الرسل عن ربها، فالقارئ للقرآن يعرف حال الأمم إذا استقامت على شرع الله وعبدت ربها وعملت صالحا لوجهه تعالى من النعيم والرخاء والأمن والسلامة وإذا خالفت أمر ربها كيف تتحقق فيها سنة الله في الهلاك والعذاب وذهاب الأمن والرخاء، والقارئ للقرآن بتمعن وتفهم تمر عليه آيات وصف الجنة فيقف عندها طويلا ويتخيل هذا النعيم المقيم، وليس بينه وبينه إلا رحمة الله عز وجل، ثم العمل الصالح فيجد ويجتهد للفوز برضاء الله والجنة، وتمر عليه آيات وصف جهنم فيتأمل فيها طويلا ويتخيل نفسه أحد حطبها إذا هو انساق للشيطان والهوى والنفس فيأخذ نفسه مأخذ الجد ويبتعد عن كل طريق يوصل لها.

والمسلم وهو يقرأ كتاب ربه بتدبر وتأمل يجد فيه الحقوق الواجبة له والحقوق الواجبة عليه فيأخذ ويعطى، وإن فى شهر رمضان كان نزول القرآن من اللوح المحفوظ، إلى السماء الدنيا ثم بدأ ينزل حسب الوقائع والأحداث ولقد كان جبريل عليه السلام يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان فيدارسه القرآن كل ليلة فاقترن القرآن بشهر الصبر والجهاد وشهر المغفرة والعتق من النار، فكم هو مؤسف أن يمر بالمسلم اليوم واليومان وربما أكثر وهو محروم من هذا القرآن علما وسلوكا وأجرا، وكم هو مؤسف حقا أن يكثر من القرآن في المأتم والأحزان وأن يقرأ على الأموات والله أنزله لمصلحة الأحياء ليحكم بين الناس وليهدى للتي هي أقوم وأفضل وأحسن، ويوم أن كانت أمتنا أمة القرآن تعتصم به وتتمسك بشريعته وتقيم حضاراتها على هديه رفعها الله تعالى إلى الذروة.

وكانت لها الرفعة والسؤدد والقوة والمنعة والسلطة وقمة المجد، وأما عن الصيام فقد تقرر أن فرض الصوم مستحق بالإسلام والبلوغ والعلم بالشهر، فإذا أسلم الكافر أو بلغ الصبي قبل الفجر لزمهما الصوم صبيحة اليوم، وإن كان الفجر استحب لهما الإمساك، وليس عليهما قضاء الماضى من الشهر ولا اليوم الذي بلغ فيه أو أسلم، وقد اختلف العلماء في الكافر يسلم في آخر يوم من رمضان، هل يجب عليه قضاء رمضان كله أو لا ؟ وهل يجب عليه قضاء اليوم الذي أسلم فيه ؟ فقال الإمام مالك والجمهور ليس عليه قضاء ما مضى لأنه إنما شهد الشهر من حين إسلامه وقال مالك وأحب إلي أن يقضي اليوم الذى أسلم فيه ، وقال عطاء والحسن يصوم ما بقى ويقضي ما مضى، وقال عبد الملك بن الماجشون يكف عن الأكل فى ذلك اليوم ويقضيه، وقال أحمد وإسحاق مثله.

وقال ابن المنذر ليس عليه أن يقضي ما مضى من الشهر ولا ذلك اليوم، وقال الباجى من قال من أصحابنا إن الكفار مخاطبون بشرائع الإسلام وهو مقتضى قول مالك وأكثر أصحابه أوجب عليه الإمساك في بقية يومه، وقال لا يلزمه الإمساك في بقية يومه، وهو الصحيح لقوله تعالى” يا أيها الذين آمنوا” فخاطب المؤمنين دون غيرهم، وهذا واضح، فلا يجب عليه الإمساك في بقية اليوم ولا قضاء ما مضى، وأما عن قوله تعالى ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” وهى قراءة جماعة اليسر بضم السين لغتان، وكذلك ” العسر ” فقال مجاهد والضحاك، اليسر الفطر في السفر، والعسر الصيام في السفر، والوجه عموم اللفظ في جميع أمور الدين، كما قال تعالى” وما جعل عليكم في الدين من حرج” وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم دين الله يسر وقال صلى الله عليه وسلم “يسروا ولا تعسروا”

واليسر من السهولة، ومنه اليسار للغنى، وسميت اليد اليسرى تفاؤلا، أو لأنه يسهل له الأمر بمعاونتها لليمنى، قولان، وقوله “ولا يريد بكم العسر” هو بمعنى قوله يريد الله بكم اليسر فكرر تأكيدا، وقد دلت الآية على أن الله سبحانه مريد بإرادة قديمة أزلية زائدة على الذات، وكما أنه عالم بعلم، قادر بقدرة، حي بحياة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، وهذه كلها معان وجودية أزلية زائدة على الذات وقد ذهب الفلاسفة والشيعة إلى نفيها، فتعالى الله عن قول الزائغين وإبطال المبطلين، والذى يقطع دابر أهل التعطيل أن يقال لو لم يصدق كونه ذا إرادة لصدق أنه ليس بذى إرادة، ولو صح ذلك لكان كل ما ليس بذى إرادة ناقصا بالنسبة إلى من له إرادة، فإن من كانت له الصفات الإرادية فله أن يخصص الشيء وله ألا يخصصه، فالعقل السليم يقضى بأن ذلك كمال له وليس بنقصان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى