
الدكرورى يكتب عن مرحبا شهر رمضان ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع مرحبا شهر رمضان، والصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب، والوقاع بنية خالصة لله عز وجل، لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة، وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم، فلهم فيه أسوة، وليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك، كما قال تعالى فى سورة المائدة ” لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات” ولهذا قال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” لأن الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان ولهذا ثبت في الصحيحين “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”
وأن الله سبحانه وتعالى جعل الصوم له وعمل ابن آدم الثاني أى غير الصوم لابن آدم يقول الله تعالى “كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي” والمعنى أن الصيام يختصه الله سبحانه وتعالى من بين سائر الأعمال لأنه أى الصيام أعظم العبادات إطلاقا فإنه سر بين الإنسان وربه، لأن الإنسان لا يعلم إذا كان صائما أو مفطرا هو مع الناس ولا يُعلم به نيته باطنة، فلذلك كان أعظم إخلاصا فاختصه الله من بين سائر الأعمال قال بعض العلماء ومعناه إذا كان الله سبحانه وتعالى يوم القيامة وكان على الإنسان مظالم للعباد فإنه يؤخذ للعباد من حسناته إلا الصيام فإنه لا يؤخذ منه شيء لأنه لله عز وجل وليس للإنسان وهذا معنى جيد، أن الصيام يتوفر أجره لصاحبه ولا يؤخذ منه لمظالم الخلق شيئا، ومنها أن عمل ابن آدم يزاد من حسنة إلى عشرة أمثالها إلا الصوم.
فإنه يعطى أجره بغير حساب يعني أنه يضاعف أضعافا كثيرة قال أهل العلم ولأن الصوم اشتمل على أنواع الصبر الثلاثة ففيه صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله، أما الصبر على طاعة الله فلأن الإنسان يحمل نفسه على الصيام مع كراهته له أحيانا يكرهه لمشقته لا لأن الله فرضه لو كره الإنسان الصوم لأن الله فرضه لحبط علمه لكنه كرهه لمشقته ولكنه مع ذلك يحمل نفسه عليه، فيصبر عن الطعام والشراب والنكاح لله عز وجل، ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسى “يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي النوع” والثاني من أنواع الصبر، هو الصبر عن معصية الله، وهذا حاصل للصائم فإنه يصبر نفسه عن معصية الله عز وجل فيتجنب اللغو والرفث والزور وغير ذلك من محارم الله، والنوع الثالث هو الصبر على أقدار الله.
وذلك أن الإنسان يصيبه في أيام الصوم، ولاسيما في الأيام الحارة والطويلة من الكسل والملل والعطش ما يتألم ويتأذى به ولكنه صابر لأن ذلك في مرضاة الله، فلما اشتمل على أنواع الصبر الثلاث كان أجره بغير حساب فقال الله تعالى” إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” ولكن هناك سؤال هل يجوز أن نضع كفارة اليمين في خيام الإفطار فى رمضان؟ فقيل من العلماء لا أرى ذلك، لأن كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، والمسكين معروف وقد يوجد في خيمة الإفطار في المسجد أغنياء، ولا يشترط الغنى معه ملايين، قد يكون عامل من العمال يأخذ راتب كبير ويعتبر غنى، لأنه قد يكون موفر له الأكل والسكن، أو يكون عابر أثناء وقت الإفطار وهو فى الأصل من الأغنياء ولذلك إطعام عشرة مساكين يعنى يتحرى المساكين لإطعامهم.
ويكفي غلبة الظن، يعني لا يشترط أن تعرف رصيده البنكي، ولكن يكفي غلبة الظن، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، قال فنزلنا منزلا في يوم حار، أكثرنا ظلا صاحب الكساء، ومنا من يتقى الشمس بيده، قال فسقط الصُوّام، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ذهب المفطرون اليوم بالأجر” رواه البخاري ومسلم، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من مات وعليه صيام صام عنه وليه ” رواه البخاري ومسلم، وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا “رواه أحمد.