
الدكرورى يكتب عن فضائل شهر شعبان ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع فضائل شهر شعبان، قالت ولما أن همّ ليختم أسرعت إلى حجرتي، فسلم وجاء وما يزال النفس يتردد في صدري، فقال صلى الله عليه وسلم ما بك يا عائشة؟ أظننتي أن يكون برسول الله صلى الله عليه وسلم قد خاس بك؟ أي يذهب إلى إحدى الزوجات الأخريات؟ أتعلمين أي ليلة هذه الليلة يا عائشة؟ هذه ليلة النصف من شهر شعبان، وإن الله تبارك وتعالى يتجلى لعباده في هذه الليلة فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن” والمشاحن هو الذي في قلبه نحو أخ من إخوانه المؤمنين شحناء، من بُغض، أو حقد، أو كره، أو حسد، أو ما شابه ذلك، لأن شروط الإيمان كما قال فيها الرحمن كما جاء فى سورة الحجر ” ونزعنا ما فى صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في هذا الشهر المبارك.
من الدعاء لله، ليعلمنا أن هذا شهر لقبول الدعاء وتحقيق الرجاء، وقد استجاب الله عز وجل له في كل ما دعاه، ومن جملة ذلك هو أن الله تعالى استجاب له صلى الله عليه وسلم في مكة حين دعاه أهلها ليشق القمر، فدعا الله فانشق له القمر بإذن الله، وكان يدعو عندما هاجر إلى المدينة أن يوجهه الله تعالى إلى بيت الله الحرام، وكان يتجه قبلها إلى بيت المقدس، فأجاب الله تعالى دعاه وأمره في ليلة النصف من شعبان أو يومها أن يولي وجهه شطر المسجد الحرام، واستجاب الله عز وجل له في أمر الشفاعة في أمته وبشّر أمته بأن الله قد قبل شفاعته فيهم، وأنه سيشفع فينا جماعة المسلمين أجمعين، يوم يجمع الله الناس ليوم لا ريب فيه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتم فى أيام هذا الشهر الكريم لأن هذا الشهر نزل من الله الأمر بصيام شهر رمضان بتعليم المسلمين.
أحكام الصيام وشروط الصيام الصحيحة ومبطلات الصيام، حتى إذا دخل المسلم على عبادة الصيام في شهر رمضان كان يعبد الله عز وجل على علم، لا ينتظر المؤمن حتى يأتي رمضان ثم يقول أتعلم، فإن المؤمن علمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم أولا ثم يعمل بعد أن علم، وقال في ذلك صلى الله عليه وسلم “من عمل بما يعلم ورّثه الله عز وجل ما لم يكن يعلم” وكذلك من فوائد صوم شهر شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل شهر رمضان بقوة ونشاط ، ولما كان شهر شعبان كالمقدمة لشهر رمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، وقال سلمة بن سهيل كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت.
إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن، ولقد ثبت علميا أن الجسم في أيام الصوم الأولى يبدأ باستهلاك مخزونه الاحتياطي من الدهون والبروتينات وغيرها، فينتج بسبب ذلك سموما تتدفق في الدم، وهرمون الأدرينالين، قبل أن يتخلص منها الجسم مع الفضلات، مما يؤدي إلى شعور الصائم ببعض الأعراض كالصداع والوهن وسرعة الغضب وانقلاب المزاج، وقد تصدر منه أفعال غير إرادية، مما قد يضطره لأن يترك الصيام أحيانا، وهذه الأعراض تزول بعد أن تعود نسب الهرمونات إلى وضعها الطبيعي في الدم خلال أيام من بدء الصوم بإذن الله تعالى، وهذا ملاحظ لدى الصائمين، فصيام شهر شعبان ما هو إلا كالتمرين على صيام رمضان، حتى لا يدخل المسلم في صوم رمضان على مشقة وكلفة.
وحتى يوفقك الله لصيام وقيام رمضان, فعليك أن تدرب نفسك على الصيام والقيام قبله, ليرزقك الله التوفيق والإعانة في شهر رمضان بأذن الله, فالسعيد من وفقه الله لعمل الطاعات في الأوقات والأماكن الفاضلة، والخسران أن يخذلك الله ويثبطك عن العمل الصالح في مثل هذه المواسم، وإن لنا مع شهر شعبان ثلاث وقفات، فالوقفة الأولى وهى مع فضيلة شهر شعبان الكريم، فشهر شعبان شهر فضيل، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يصوم أكثره، ولا يترك من صيام أيامه إلا القليل، والنبي صلى الله عليه وسلم أسوتنا، فلما خص النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشهر بمزيد من العبادة لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن لهذا الشهر مكانه خاصه، وهي أنه شهر عاده ما يغفل عنه الناس بين رجب الحرام ورمضان شهر الصيام، وأنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى.