مقال

المسار الأمريكي في العراق بين التبني والتخلي وترك الملفات المعقدة مفتوحة..!!

جريدة الأضواء المصرية

المسار الأمريكي في العراق بين التبني والتخلي وترك الملفات المعقدة مفتوحة..!!

غيث العبيدي ممثل مركز تبيين للتخطيط والدراسات الاستراتيجية في البصرة.

سواء كان من يدير أمريكا الجمهوريين أو الديمقراطيين، فأن البيت البيضاوي رسم مسار خاص للسياسات الأمريكية تجاه العراق، منذ 2003 ولحد هذه اللحظة، وضبطها لدرجة جعل العراق يدور في الفلك الأمريكي، حسب المتغيرات الإقليمية والدولية، وموقع المصالح الأمريكية فيها، مع الأخذ بنظر الإعتبار تباين الأستراتيجيات الأمريكية تجاه العراق مع أختلاف الرؤساء الامريكان، بالصعود والنزول وتبني افكار والتخلي عن أخرى، وفق القوى السياسية العراقية ”الجديدة الصاعدة، والقديمة المخضرمة“ والتعبير عنها بصورة رئيسية مباشرة مثلما فعل الرؤساء الديمقراطيين؛ السماح بأنهيار ثلاثة محافظات عراقية بيد تنظيم داعش الارهابي، وفرعية غير مباشرة مثلما فعل الرؤساء الجمهوريين؛ أستبدال تنظيمات الإرهاب ”داعش“ بتنظيمات الحقوق ”التشرينيين“ حتى سقوط حكومة حسن الصيت السيد عادل عبدالمهدي.

▪️ المسار السياسي.

برزت السياسة الأمريكية تجاه العراق بصورتها الحالية، بعد هجمات 11 أيلول 2001، التي أصبحت انعطافة تاريخية في سياسة أمريكا الخارجية، تجاه الشرق الأوسط بصورة عامة، والعراق بصورة خاصة، بأعتباره الملف الاكثر إلحاحا لاتخاذ تدابير أمنية دقيقه تتناسب وطموحات أمريكا المتزايدة ليس في العراق وحسب، بل في عموم المنطقة، وأختيار الاماكن المناسبة لضمان النجاح في الحربين ”الطويلة والخاطفة“ والتي يبقى أحتمال حدوثهما وشيك في المستقبل، وهذا تفسير واقعي لأختيار المنطقة الغربية في العراق، بمحدداتها الداخلية الرسمية والشعبية، وأمتداداتها الايدلوجية المرتبطة بالخارج، المتعرج لأهم للأستراتيجيات الأمريكية بعد 2003، بعد استنزاف البلاد والسيطرة عليه بالكامل لمدة أكثر من عقد من الزمن، لتختبئ أمريكا في العراق، تحت مسميات الخير والشر، والحرب على الارهاب، وحماية الأقليات، ومتابعة ملف حقوق الإنسان، مع تقديم التبريرات المناسبة لإقناع المجتمع الدولي، والرأي العام العالمي بذلك.

▪️ الملفات المفتوحة.

🔸 الملف الأمني.

تعتبر أمريكا القوة هي المصدر الاكثر تأثير في السلوك السياسي والإجتماعي في البلاد، وفي الحالة العراقية، تعمدت أمريكا على تذويب الترسانة العسكرية العراقية الضخمة بين ليلة وضحاها، وعزمت لاحقاً على أن لا يكون ملفها الأمني في العراق واضح للآخرين، لتصبح أنشطتها العسكرية، مبهمة المعالم بحيث لايمكن التميز بين أستراتيجياتها الهجومية والدفاعية، والتي صيغت لاحقاً تحت مسمى ”أنشطة عسكرية وقائية للدفاع عن النفس“ وماهي بالحقيقة الأ لحماية مصالحها في العراق والمنطقة، ومتابعة تنفيذ المشاريع التي طرحتها سابقاً في الساحة العراقية، ولحماية أمن اسرائيل القومي، والحفاظ على تفوقها العسكري في عموم الشرق الأوسط، لذلك تركت هذا الملف مفتوح ودون الحسم لحد هذه اللحظة.

🔸 الملف الاقتصادي.

لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية وأقتصادية لصالح واشنطن، استغلت أمريكا الملف الاقتصادي العراقي أبشع إستغلال، واعتبرته الورقة الرابحة التي تعود إليها كلما دعت الحاجة، مهددين النظام السياسي الحالي بأزمات اقتصادية خانقة وأنهيار مالي غير مسبوق كلما صنعوا قراراً واتخذوا موقفاً لا تراه واشنطن مناسب لها، ملوحين بالعقوبات الاقتصادية بين الحين والآخر لتمرير صفقات اقتصادية لصالح الشركات الأمريكية في العراق، ودائما ما تكون واردات النفط والمؤسسات المالية العراقية بعين العاصفة الأمريكية، وملف كهذا، لم ولن تتم معالجتة أو إغلاقه، ليبقى الوسيلة الضاغطة وذات التأثير الأكثر فعالية على مستقبل العراق، المعقد أمنيآ، والهش أقتصاديآ، والمضطرب أجتماعيآ.

🔸 ملف الطاقة الكهربائية.

أحتفظت الحكومة العسكرية الإنتقالية برئاسة الحاكم العسكري الامريكي ”بول بريمر“ بملف الطاقة الكهربائية في العراق، والذي مكن شركة جنرال اليكتريك الأمريكية بمقتضاه من الاستيلاء على جميع التعاقدات والمشاريع الكهربائية عبر أكثر من عقدين من الزمن، ليتحول لاحقاً إلى ملف سياسي، وأحد أهم أدوات الفتنة التي تجلد بها النظام السياسي، وتكوي به الشعب العراقي متى شاءت، فلا يمكن لأي جهة عراقية الاقتراب منه أو التحكم فيه.

مما تقدم أعلاه يتبين أن واشنطن تستخدم الملفات المعقدة، لتطبيق أستراتيجياتها الابتزازية، وتستعمل فن توظيف التهديد، لدفع العراق بالأتجاه الامريكي، وفعل ما يريده الامريكان منه، وما على الطرف العراقي الا عرض سياسة الاسترضاء والخضوع «رغبة أمريكية» ليصبح البلد متعاون، ويدور في الفلك الأمريكي، حتى وأن أختلفت صور الاستجابه لها بين فترة وأخرى، فأما القبول أو العواقب.

وبكيف الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى