مقال

الدكروري يكتب عن غزوة فتح مكة “جزء 5”

الدكروري يكتب عن غزوة فتح مكة “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع غزوة فتح مكة، ومضى بعشرة آلاف حتى اقترب من مكة، وعسكر خارجها وقابله عمه العباس مهاجرا ليعلن إسلامه ثم عاد معه ليدخل مكة، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره، فاستخلف على المدينة أبا رهم كلثوم بن الحصين الغفاري، وقال ابن سعد عبدالله بن أم مكتوم، فخرج لعشر من رمضان فصام وصام الناس معه، حتى إذا كانوا بالكديد أفطر، ثم مضى حتى نزل ومر الظهران في عشرة آلاف، وعميت الأخبار عن قريش، وخرج أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبدالله بن أبي أمية بن المغيرة، ولقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الطريق، قرب مكة، فأعرض عنهما، فلما نزل استأذنا عليه فلم يأذن لهما، فكلمته أم سلمة فيهما، وقالت لا يكون ابن عمك وأخي عبدالله ابن عمتك أشقى الناس.

 

بل فقد جاءا مسلمين، فأذن لهما، وقبل منهما إسلامهما، فمن أخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم أخذ برأى أم سلمة، وكان أبو سفيان بعد ذلك ممن حسن إسلامه، فيقال إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ، أسلم حياء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ويشهد له بالجنة، ويقول ” أرجو أن يكون خلفا من حمزة ” ومن كرم أخلاق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران قال ابن سعد نزله عشاء، فأمر أصحابه، فأوقدوا عشرة آلاف نار، وجعل على الحرس عمر بن الخطاب، وقد أمرهم النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، فأوقدوا النار، وقيل لإظهار لهيبها وتخويف العدو، وقيل لإعلامهم بمكانه حتى يخرج إليه عظماؤهم ويتفاوضوا معه عن كيفية وصفة دخول مكة.

 

وهذا الخلق الكريم الذي تتجلى فيه الرأفة والرحمة، لذا رقت نفس العباس لقريش، وخاف أن تغشاهم الجيوش قبل أن يستأمنوا، فركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الأراك، فبينما هو يمشي إذ سمع صوت أبي سفيان وبديل من ورقاء الخزاعي وهما يتساءلان عن نيران عسكر النبي صلى الله عليه وسلم، ويتحاوران، فقال العباس ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وإصباح قريش، فقال أبو سفيان فما الحيلة، فأردفه على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد دارت الأيام، وأصبح أبو سفيان في موقف ضعيف جدا، ووجد نفسه عاجزا عن الحركة، بل عن التفكير، وذلك عندما بُوغت بالجيوش الإسلامية على بعد عدة كيلو مترات من مكة، وعلم أبو سفيان يقينا أنه على رأس قائمة المطلوبين.

 

فقد كان حريصا في أكثر من مرة على استهداف المسلمين، ورسولهم صلى الله عليه وسلم، وأصابت أبا سفيان حالة من الرعب والهلع، ووجد أمامه أحد أصدقائه القدامى الذين آمنوا وانضموا إلى الصف المسلم وهو العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستغاثه واستنجد به قائلا ما الحيلة؟ فداك أبي وأمي، وقال العباس رضي الله عنه يخاطب أبا سفيان والله لئن ظفر بك لَيضربن عنقك، وهذا هو التصرف الطبيعي في تصور العباس رضي الله عنه وفي تصور أي مُطلع أو محلل يراجع تاريخ أبي سفيان مع المسلمين، ولكن العباس رضي الله عنه لصداقته القديمة مع أبي سفيان أو لرغبته الأكيدة في حفظ دماء قريش، قرر أن يشفع لأبي سفيان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رضي الله عنه لأبي سفيان.

 

“اركب معي هذه البغلة، حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم أستأمنه لك، فركب أبو سفيان مع العباس رضي الله عنه، ويقول العباس رضي الله عنه فخرجت به، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين فقالوا ما هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه قالوا هذه بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه، حتى مررنا بنار عمر بن الخطاب ونظر عمر إلى أبي سفيان، وقال أبو سفيان عدو الله، الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد، ثم خرج الفاروق يشتد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسابقه العباس على البغلة، فدخل العباس ودخل عمر بعده، واستأذن عمر ضرب عنق أبي سفيان، فقال العباس مهلا يا عمر، فوالله لو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا، لكنه من بني عبد مناف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى