مقال"زواج، القاصرات ،بين، جواز الدين ،وعقاب القانون،.. إلى، أين، نمضي؟"

“زواج القاصرات بين جواز الدين وعقاب القانون.. إلى أين نمضي؟”

جريدة الاضواء المصرية

“زواج القاصرات بين جواز الدين وعقاب القانون.. إلى أين نمضي؟”

بقلم: أحمد الشبيتي

 

في زمن تتصارع فيه المفاهيم بين الموروثات الدينية، والاجتماعية، والتشريعات القانونية، تطفو على السطح قضية شائكة لا تزال تثير الجدل في مجتمعاتنا، ألا وهي زواج البنات القُصَّر، أو ما يُعرف بزواج الطفلات.

 

أولًا: الدين لا يظلم، لكن لا يُؤخذ من سياقه

يستند بعض الناس إلى أن الدين الإسلامي لم يُحدد سنًّا معينة للزواج، ويستشهدون بأن بعض الصحابيات تزوجن في سن صغيرة، متناسين أن الزواج في الإسلام مشروط بالقدرة العقلية والجسدية والنفسية، وليس فقط ببلوغ السن. قال الله تعالى:

 

“وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم” [النساء: 6]

فالله تعالى قرن البلوغ بـ”الرشد”، لا بالعمر فقط. فهل نُزوج بناتنا دون أن نُؤتمنهن حتى على أموالهن؟!

 

ثانيًا: الكارثة الاجتماعية

زواج القاصرات لم يعد مجرد اختيار شخصي، بل تحول إلى أزمة اجتماعية ذات تبعات مأساوية.

فتاة في الثانية عشر أو الرابعة عشرة لا تُدرك مسؤولية بيت، ولا معنى أمومة، ولا تملك من أدوات الحياة الزوجية شيئًا. والنتائج؟ طلاق مبكر، عنف أسري، انقطاع عن التعليم، تشوهات نفسية، ودوامة فقر جديدة.

 

ثالثًا: القانون يجرّم

الدولة المصرية، بحكم مسؤوليتها عن حماية الطفولة، تُجرّم هذا النوع من الزواج.

فوفقًا للقانون رقم 126 لسنة 2008، تم تحديد سن الزواج في مصر بـ18 عامًا، وأي عقد زواج يتم قبل هذا السن يُعد جريمة يُعاقب عليها القانون، سواء على الولي أو المأذون أو من سهّل هذا الزواج.

 

كما أن قانون الطفل (المادة 80 من الدستور المصري) ينص على أن كل من يزوّج قاصرًا يُعاقب بالحبس والغرامة، حماية للطفولة ودرءًا لمخاطر تُهدد بنية المجتمع.

 

رابعًا: إلى أولياء الأمور..

إلى كل أب وأم: لا تجعلوا من بناتكم وسيلة للتخلص من الفقر أو الخوف من العار. فطفلتك أمانة، والزواج مسؤولية عظيمة لا يُجبر عليها بدن لم يكتمل، ولا عقل لم يَنضُج.

قال ﷺ: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”. فهل أديت أمانتك؟

 

خامسًا: الوعي هو الحل

نحتاج إلى حملات توعية دينية وقانونية ومجتمعية، تشارك فيها المساجد، والمدارس، والإعلام، والقيادات الشعبية، حتى يدرك المجتمع أن تزويج الطفلات ليس فقط جريمة قانونية، بل خيانة للإنسانية والدين والأخلاق.

 

وزواج القاصرات ليس مسألة فقهية بحتة، ولا مسألة تقاليد قديمة، بل قضية إنسانية تمس حياة أجيال قادمة.

فلننظر في ضمائرنا قبل أن نُبرم عقدًا يُفقد الطفلة حياتها… باسم الشرع، والشرع منها براء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى