الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إنه موضوع خطير للغاية، ففيه تدمير للأسر والمجتمعات، وفيه نصب وإحتيال وأكل لأموال الناس بالباطل، بل فيه ما هو أعظم من ذلك وهو الكفر بالله وهدم الدين ونسف العقيدة والتوحيد، حتى إن الرجل لو كان يصلي خمسين سنة، وإعتمر مئات المرات وحج عشرات المرات، ثم فعل هذا الفعل أو صدق به، حبطت أعماله كلها.
وكفر بما أُنزل على محمد صلي الله عليه وسلم، وإن من الأمراض التي إنتشرت وإستشرت في زمننا هذا ذلكم الداء الذي فشا بين الرجال والنساء وبين الفقراء والأغنياء وبين العالة والرؤساء، فكم صحة بسببه ذبلت وسعادة سلبت وفرحة قتلت وتجارة كسدت، فهو سر من الأسرار وعالم غريب الأطوار ومرض خطير وشر مستطير درج فيه الرجال والنساء والفقراء والأغنياء حتى أصبح خطرا على العقيدة وعلى الفرد والأسرة والمجتمع، إنه السحر قرين الكفر فهو الداء العضال الذي تفشى بين الملايين من الناس اليوم، بما في ذلك الدول التي يدعى أنها متقدمة، فقيل في فرنسا يوجد أكثر من ثلاثين ألف ساحر ومشعوذ وفي ألمانيا ثمانون ألف وفي غيرها كثير، واعلموا أن السحر ناقض من نواقض الإسلام، فمن تعاطى السحر أو عمل به فهو كافر بالله خالد مخلد في نار جهنم.
وقال الله تعالى ” واتبعوا ما تتلوا الشيطان على ملك سليمان، وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ” ولقد أخبرنا الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن الذي يعلم الساحر السحر، إنما هم الشياطين ولا يتمكن الساحر من ذلك حتى يكفر بالله العظيم ويستعين بالشياطين من دون الله عز وجل، وقد تواتر النقل بالإستقراء، والتجربة والمشاهدة في إثبات العلاقة والتبعية والإنقياد والعبودية بين السحرة والشياطين، فالسحرة يتقربون للشياطين بما تحبه من أعمال شركية وأكل للخبائث والمحرمات، وتقرب بالنجاسات ووقوع في الموبقات، فإذا إجتاز الساحر هذا الإمتحان أعانته الشياطين على أعماله الفاجرة، وإذا كان هذا هو حال الساحر.
فقد جاءت النصوص الشرعية بتحريم المجيء إليه، أو تصديقه، فمن جاءه لم تقبل لك صلاة أربعين يوما، فعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ” رواه مسلم، أما من جاءه وصدقه بما يقول فقد كفر بالدين، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم” رواه أحمد، واعلموا بارك الله فيكم أن الباطل لا يزال بالباطل، فلا يجوز علاج السحر بسحر مثله ولا يصح أن يدفع الشرك بالشرك والله المستعان، ونسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم بحفظه وأن يقينا كيد الفجار وشر السحرة الأشرار إنه على كل شيء قدير، وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية.