الرقم 7 بين الحضارات القديمة: رمزية الاستمرارية والكمال
الجزء الأول
تتوارث الحضارات رموزها ودلالاتها عبر العصور، في عملية استمرارية ثقافية وروحية تتجلّى في الأرقام، والرقم 7 أبرزها. فهو رمز للكمال الروحي، وقد احتل مكانة بارزة في الفكر الديني والأسطوري، لا سيما في أعمال الله كما يرد في الكتاب المقدس، حيث ورد الرقم (7) ومضاعفاته 287 مرة، وكلمة “السابع” 98 مرة، وعبارة “سبعة أضعاف” 7 مرات، ليبلغ المجموع 392 مرة. ويذكر العهد القديم أن الله في اليوم السادس أكمل الخليقة، وفي اليوم السابع استراح، أي أنّ العالم اكتمل، ولم يعد ينقصه شيء. (المرجع: الجمهورية أونلاين)
وفيما يلي نرصد رمزية الرقم 7 في عدد من الحضارات القديمة، بحسب تسلسلها الزمني، مع ملاحظة أن هذه الحضارات لا تُفصل ، بل تتشابك وتستمر من بعضها البعض، وتُثري بعضها البعض عبر القرون .
1. مصر القديمة (حوالي 3200 ق.م. – 30 ق.م.)
تعد مصر من أقدم الحضارات التي تركت إرثًا رمزيًا غنيًا، وكانت تُقسم الزمن إلى وحدات سباعية، ويُنظر إلى الرقم 7 باعتباره يرمز إلى الكمال والنظام الكوني. يتجلى هذا في تقسيم الأسبوع إلى سبعة أيام، واستخدامه في طقوس الموت والبعث، إذ غالبًا ما ارتبط الرقم 7 بالعالم الآخر وبالدورة الكاملة للحياة والموت .
2. بلاد الرافدين (حوالي 3000 ق.م. – 539 ق.م.)
حضارات سومر، أكد، بابل وآشور، أسهمت في تشكيل الفكر الديني والرمزي في المنطقة. وقد تجلى الرقم 7 في مواضع مختلفة
– الميثولوجيا السومرية: رغم عدم وجود نصوص تؤكد رمزية خاصة للرقم 7، إلا أنّ الميثولوجيا السومرية كانت غنية بالرموز، ومنها ذكر الآلهة السبعة العظام: آن (إله السماء)، إنليل (الهواء والعواصف)، إنكي (الماء والحكمة)، ننهورساغ (الخصوبة)، نانا (القمر)، أوتو (الشمس)، وإنانا (الحب والحرب). وقد شكل هؤلاء نواة رمزية تُستكمل في الحضارات اللاحقة.
– الأسطورة البابلية – قصة الخليقة: دُوّنت على سبعة ألواح فخارية، في رمز واضح للتدرج الخلاّق، حيث يظهر الرقم 7 كإطار لبناء الكون.
– الإله مردوخ في ملحمة الخلق: في اللوح الرابع، يُذكر أن مردوخ استخدم الرياح السبع في حربه ضد تيامات، إلهة الفوضى، مما يدل على أن هذا الرقم ارتبط بالقوة والسيطرة والتنظيم الكوني .
– ملحمة جلجامش (حوالي 1800 ق.م.): يكتسب الرقم 7 قدسية خاصة في هذه الملحمة التي تُعد من أقدم الأعمال الأدبية: سبعة أيام من الحداد على أنكيدو، سبعة أبواب لعالم الأموات، سبعة أنواع من الحيوانات تُذكر في سياقات مختلفة. ويُظهر هذا حضور الرقم 7 في الطقوس والمفاهيم الروحية .
3. الكنعانيون (حوالي 1550 – 1200 ق.م.)
استقر الكنعانيون في مناطق من لبنان وسوريا وفلسطين، وقد تأثرت معتقداتهم بالبابليين والمصريين، وكان للرقم 7 مكانة رمزية لديهم مرتبطة بالطقوس الدينية، على الرغم من عدم توثيق نصوص كثيرة حول دلالاته .
4. شريعة حمورابي (حوالي 1755 – 1750 ق.م.)
رغم أن شريعة حمورابي – المكوّنة من 282 مادة – لا تولي الرقم 7 أهمية خاصة صريحة، إلا أن خلفيتها الثقافية البابليّة الغنية بالرمزية تجعل من الرقم 7 حاضرًا ضمنيًا في نظام العدالة والتنظيم الاجتماعي، إذ كان يُستخدم في التقسيمات الزمنية وبعض الانظمة القانونية
كما ذكرت في اول النص ،إنّ الرقم 7 ظلّ مستمد من حضارة إلى أخرى، مُذَّوَّداً بمعاني الكمال والنظام الكوني، وقد تطوّرت رمزيته من عالم الأسطورة إلى الديانة، ومن الطقوس إلى القوانين.
في الجزء الثاني يتّخذ من الكتاب المقدس الرقم 7 دلالة لاهوتية وروحية عميقة، تبدأ من سفر التكوين.