تحليلات اخباريه

من طرابلس إلى سرت… مشروع أمريكي لتفكيك الحدود وتهديد العمق المصري

جريدة الاضواء المصرية

من طرابلس إلى سرت… مشروع أمريكي لتفكيك الحدود وتهديد العمق المصري

بقلم هاني المصري

 

في تطورٍ يثير كثيرًا من القلق في الأوساط السياسية والعسكرية بالمنطقة، تعاود الولايات المتحدة الأمريكية تحركاتها المشبوهة على الساحة الليبية، متخذة من مكافحة الإرهاب ذريعة لتبرير تدخلات عسكرية متكررة، تضع تحت المجهر نواياها الحقيقية تجاه ليبيا وجوارها الجغرافي، وعلى رأسه مصر.

 

عودة أمريكية إلى المشهد الليبي

 

في الأشهر الأخيرة، نشطت التحركات العسكرية الأمريكية قرب السواحل الليبية، عبر عمليات استكشاف استخبارية مكثفة، وتحركات بحرية لطائرات وسفن تابعة للأسطول السادس الأمريكي، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان سيناريوهات التدخل الدولي الذي أنهك الدولة الليبية منذ 2011.

 

ورغم أن واشنطن تعلن دومًا أن وجودها العسكري في البحر المتوسط هدفه “محاربة الإرهاب ومراقبة التهديدات الروسية”، إلا أن مراقبين يعتبرون ذلك غطاءً لمحاولة فرض أمر واقع جديد على الساحة الليبية، يقوّض السيادة الوطنية الليبية ويعزز النفوذ الأمريكي في شمال أفريقيا.

 

تطويق السواحل الليبية: مناورة أم احتلال ناعم؟

 

وفق تقارير متعددة، فقد رُصد وجود أمريكي متزايد في المياه الإقليمية الليبية، من خلال حاملات طائرات وغواصات وطائرات تجسس، وهو ما يُعدّ من وجهة نظر الكثيرين عملية حصار بحري غير معلن. وترافق ذلك مع تحركات لفرض ترتيبات أمنية جديدة في المنطقة الغربية، خاصة في مدينتي طرابلس ومصراتة، حيث تسعى واشنطن لتكريس وجودها عبر دعم فصائل بعينها.

 

هذا الحصار البحري، وإن لم يُعلن رسميًا، يهدد قدرة ليبيا على التحكم بثرواتها النفطية، ويزيد من تعقيد الأزمة الداخلية، في ظل صمت دولي وارتباك أممي إزاء مسار التسوية السياسية.

 

التهديد المباشر للعمق الاستراتيجي المصري

 

من منظور استراتيجي، لا يمكن فصل هذه التحركات عن دوائر الأمن القومي المصري. فليبيا تشكّل الامتداد الغربي الحيوي لمصر، وأي زعزعة فيها تنعكس مباشرة على الداخل المصري. وتحركات واشنطن قرب الحدود الغربية لمصر، وتحديدًا في مناطق سرت والجفرة، تُعد استفزازًا مباشرًا للأمن القومي المصري.

 

الرئيس عبد الفتاح السيسي سبق أن أكد أن “سرت والجفرة” خط أحمر، وهو ما يُفهم منه أن أي تحركات أجنبية مشبوهة في تلك المناطق لن تمر مرور الكرام. وفي ظل التصعيد الأمريكي الأخير، تتزايد المخاوف من أن واشنطن تسعى لإعادة تدوير الفوضى، بهدف تفكيك البنية الأمنية الإقليمية التي تُشكّل القاهرة حجر الزاوية فيها.

 

لعبة محاور أم إعادة استعمار ؟

 

البعض يذهب إلى أن واشنطن تستغل حالة الانقسام الليبي لتعزيز نفوذها في المتوسط، ومواجهة التمدد الروسي والتركي في آنٍ واحد. لكن على أرض الواقع، فإن هذه التحركات تشعل فتيل صراع قد يمتد ليهدد استقرار مصر، الجزائر، وتونس، مما يجعل ليبيا مجددًا ساحة صراع دولي بالوكالة.

 

ختاماً : يقظة استراتيجية مطلوبة

 

التدخل الأمريكي المتسارع في ليبيا يتطلب يقظة عربية شاملة، وتحركًا مصريًا متوازنًا، يجمع بين الدبلوماسية الرادعة والاستعدادات العسكرية اللازمة. إن صمت العواصم العربية إزاء هذه التحركات سيُترجم على الأرض إلى واقع سياسي جديد، يرسم خرائط النفوذ بأدوات أمريكية، وعلى حساب الشعوب ومستقبل الأجيال القادمة.

 

ليبيا لا تتحمل حربًا جديدة، ومصر لن تقبل بتهديد أمنها الاستراتيجي… فهل من وعي عربي قبل فوات الأوان؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى