خواطر وأشعار

شهداء أمة محمد كثيرون

جريدة الاضواء المصريه

شهداء أمة محمد كثيرون

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط، أي بستان من حيطان المدينة أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” يعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال بلى، كان أحدهما لا يستتر أي لا يتجنبه ويتحرز منه من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة ” رواه البخاري، وفي رواية لابن ماجه يقول ” أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة” ويخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من الذنوب ما يعده الإنسان صغيرا لا يبالي أن يقترفه.

 

ويظنه هين الشأن، وهو سيء ومؤلم العاقبة، بل ومن أسباب عذاب القبر، ومن ذلك عدم الإستتار والإحتراز من البول عند قضاء الحاجة، والمشي بالنميمة ونقل الكلام بين الناس بقصد الإضرار بهم وإفساد علاقتهم ببعض، سواء أكان ذلك بالقول أم بالكتابة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا يدخل الجنة نمام” رواه مسلم، وقال الإمام ابن حجر في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يعذبان وما يعذبان في كبير” فهذا الحصر ينفي كونهما كانا كافرين، لأن الكافر وإن عُذب على ترك أحكام الإسلام فإنه يُعذب مع ذلك على الكفر بلا خلاف، وفي هذا الحديث من الفوائد هو إثبات عذاب القبر” وقال الإمام البيضاوي لعله عنى بالكبيرة ما يستعظمه الناس ولا يجترىء عليه، والنميمة وإن كانت من الذنوب إلا أنها يجترىء عليها ولا يبالى بها وهو دليل على عذاب القبر.

 

وإن كثير من الناس يعتقد أن الشهادة في سبيل الله تعالي مقتصرة على الموت في محاربة الكفار فقط ولكن شهداء أمة محمد صلى الله عليه وسلم كثيرون، ومنهم المبطون وهو صاحب داء البطن، وقيل هو الذي يموت بداء بطنه مطلقا، وكذلك المرأة تموت بجمع شهيد، أي تموت وفي بطنها ولد، لأنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل وهو الحمل، هذا وخصال الشهادة أكثر من هذه السبع، وقال الحافظ ابن حجر وقد إجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة وذكر منهم اللديغ والشريق والذي يفترسه السبع، والخار عن دابته، والمائد في البحر الذي يصيبه القيء، ومن تردى من رؤوس الجبال، وقال الإمام النووي وإنما كانت هذه الموتات شهادة يتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها وقال ابن التين هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله تعالي على أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

 

بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء، وكما يدخل في ذلك الدفاع عن الأهل والمال والوطن، ويدخل في ذلك أيضا الجنود المرابطون الذين يسهرون ليلهم في حراسة هذا الوطن والدفاع عنه وحماية منشآته، وإن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن هناك عذابا في القبر بحسب حال الميت من عمله، وما استوجبه من ذنوبه ومعاصيه والأسباب التي تؤدي إلى عذاب القبر كثيرة، وهي على سبيل الإجمال كما قال ابن القيم عن الذين يعذبون في قبورهم “فإنهم يعذبون على جهلهم بالله، وإضاعتهم لأمره، وإرتكابهم لمعاصيه، فلا يعذب الله روحا عرفته وأحبته، وإمتثلت أمره وإجتنبت نهيه ولا بدنا كانت فيه أبدا فإن عذاب القبر وعذاب الآخرة أثر غضب الله وسخطه على عبده، فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ومات على ذلك كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه فمستقل ومستكثر، ومصدق ومكذب”.

شهداء أمة محمد كثيرون@

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى