مقال

سلامة الكل تبدأ من سلامة الجزء

جريدة الأضواء المصرية

سلامة الكل تبدأ من سلامة الجزء
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي وصية الله للأولين والآخِرين، كما قال تعالى ” ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ” إن الإسلام يعتبر أن سلامة الكل تبدأ من سلامة الجزء، وإصلاح المجتمع الكبير يبدأ من إصلاح الأسرة، بإعتبارها النواة الصغرى للمجتمع، حيث قال تعالى ” وأولو الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله “

وصحيح أن حد الكفاية أو تمام الكفاية، للمعيشة اللائقة يختلف بإختلاف البلدان ويختلف بحسب ظروف كل مجتمع وتطوره، وكذلك، في تحول الكثير من الكماليات إلى ضروريات، إلا أن، الضمان الإجتماعي يبقى مسؤولية شرعية ثابتة على الدولة، وأولوية في المذهب الإقتصادي في الإسلام، ويبقى الركيزة الأولى لصون المجتمعات من الهزات والإنحرافات والفتن، وعاملا أساسيا في الإستقرار والتطور والتنمية، أما التكافل الإجتماعي فهو مشاركة المجتمع ككل في تأمين كفاف أفراده، كمشاركة دينية وجدانية وإنسانية، وإن الضمان الإجتماعي في الإسلام ينبع من ضمير الإنسان وأعماقه ولا يفرض عليه من الخارج عبر قوانين وضعية كما هو في الغرب، وذلك لأنه يتربى على هذا النمط من المسؤولية.

فهناك الكثير من الآيات والأحاديث النبوية التي تحض الإنسان على البذل والإنفاق وتحثه على الكرم والعطاء، سواء في الحقوق الشرعية الواجبة أو التي ندب إليها الإسلام، فالإسلام منهج حياة يهدف للإرتقاء بكل ما للإنسانية من معنى، ولذا فهو فرض على الدولة حقوق للفقير والمريض والأرملة والعاجز وإن لم يكونوا مسلمين، وخير مثال على ذلك ما فعله سيف الله المسلول الصحابي الجليل خالد بن الوليد مع أهل الكتاب في الحيرة في السنة الثانية عشر من الهجرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، من بيت مال المسلمين من كفاية عجزتهم، فإذا كان الصحابة رضي الله عنهم يعطون فقير أهل الكتاب من بيت المال مرتبا خاصا ليعيش به حتى يأتيه الموت، حتى ولو لم يدن بالإسلام، لكي لا يكون في البلد الإسلامي مظهرا واحدا للفقر والجوع.

ولكي يعرف العالم، والمسلمون أنفسهم أن الإسلام قضى على الفقر ورفع مستوى المعيشة، وبالفعل يدل على أن الفقر كاد ألا يرى لنفسه مجالا في الدولة التي تتبنى المبادئ الإقتصادية الإسلامية، ويعد الضمان الإجتماعي أحد المسؤوليات التي تقع على عاتق الدولة في ظل الإقتصاد الإسلامي، ويعتمد على أساسين هما التكافل العام وهو حق الجماعة في موارد الدولة العامة، ولكل من الأساسين حدوده ومقتضياته، في تحديد نوع الحاجات التي يضمن إشباعها، وتعيين الحد الأدنى من المعيشة التي يوفرها مبدأ الضمان الاجتماعي للأفراد، فاللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك اللهم لنا فيما أعطيت وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى