مقال

“إرفعوا وصايتكم عن البشر”

جريدة الأضواء المصرية

وفاء عرفه

“إرفعوا وصايتكم عن البشر”
بادئ ذى بدء..هناك تساؤلات عديدة تلاطم عقلى، كالأمواج الناتجة عن ثورة البحر و تقلبه إيذاء غضب الطبيعة، نعم كثرت الأسئلة!! كيف نطالب بالحرية و نحن لا ندرك أبسط قواعدها التى تتمثل فى إحترام إختلاف الرأى و الرأى الآخر، إن إختلاف الرأى لا يفسد للود قضية، إنما الحقيقة إن إختلاف الرأى بيننا أفسد الود و الفكر و إعمال العقل، و كل مبادئ الحرية بشكل عام، أيضاً كيف ننادى بالتنوير حتى تمزقت أوصال أحبالنا الصوتية، نحن نوصد عقولنا على الظلام و نرفض شعلة المعرفة، التى تتقد و تزيد كل يوم عن الآخر و تقود الأمم إلى التقدم، هنا و بالتحديد يلح على عقلى سؤال كثيراً ما جعلني فى دهشة و حيرة من أمرى، هل الموت عقاب يدعو البعض للشماتة؟ كيف ذلك و الموت حقيقة مؤكدة لكل بنى البشر مثل الميلاد، نحن نولد و نحيا فترة من الزمن، ثم تتعدد الأسباب و الموت واحد سنة كونية فى الحياة، التشفى و الشماتة فى موت شخص صفة ذميمة، لا يحق لأحد الخوض فى سيرة من أصبح بين يد خالقه، مهما إختلفت معه و مهما كانت عقيدته أو جنسه أو لونه أو ثقافته أو أفكاره، خاصة الفكر لأن الأفكار لا تموت و لا تندثر، الكلمة بالكلمة و العقل بالعقل و الفكر بالفكر هكذا تكون المواجهة الحرة، الفكر الحيادى و الإجتهاد المنهجى و الرأى المستنير جميعهم مقومات للنهوض بالمجتمعات، ينقصنا الكثير من ثقافة حرية المعرفة لدينا قناعة أن كل ما يخالف أفكارنا و موروثاتنا و لا يوافقنا الرأى هو حتماً ضدنا قولاً واحداً..
إلى متى؟ سنظل لا نحترم الآخر أو ليس من حقه أن يعلن عن قناعاته دون الرجم بالحجارة، جبلت البشرية على الإختلاف و لو أراد الله لنا التشابه طبق الأصل لخلقنا جميعاً هكذا، إنما الإختلاف حكمة إلهية ليكمل بعضنا البعض، إن الإختلاف في عقول البشر هو الداعم الأول للتطور بالفكر و الإرتقاء بالإنسانية.
من أعطانا الحق فى الوصاية على البشر؟ من أقر لنا محاسبة الناس على أرائهم و أفكارهم؟ من أباح لنا الخوض فى حرية الآخر؟ نحن أحرار فيما نراه يناسبنا و ما نعتنقه من أفكار، خذوا ما يروق لكم و إتركوا ما يتعدى حدود فكركم، و لا تنصبوا المقاصل لأحد لمجرد إختلاف الفكر، أنتم لا تعلمون قدر معاناة أصحاب الفكر المختلف و حجم الصراع الناتج عنه، فكراً جديداً مختلفاً يضئ الطريق فى غياهب العتمة و عصور الظلام، كم من أفكار حاربها الظلاميون بكل قوتهم و سحقهم التاريخ، أما الأفكار باقية بل و قادت التغيير فى الشعوب حتى و إن مات أصحابها.
بما أن الكلمة باقية بقاء الدهر و لأن الرأى الحر هو مفتاح العقل، و لأن الفكر المختلف هو قارب النجاة، فى يم يموج بصراعات من الضلال و محاولة نشر عبودية الفكر، نحن فى زمن الإتجار بعقول البشر و فرض ما نريده عليهم، لزاماً علينا الآن أن نشير إلى حرية الفكر، حق الإنسان فى إعلان رأيه و إحترامه و مقابلته بالحوار و الرأى الآخر، دون الذم و القذف أو حتى المدح، و يكون الهدف الأول و الأخير هو إثراء العقل البشري و تطور المجتمع،ثم دفعه للمزيد من المعرفة المستنيرة لمواكبة كل ما هو جديد و مستحدث.
لا يسعنى فى النهاية كإنسانة تمسك بين أناملها القلم، إلا أن أقدم للقارئ قناعتى بأن الوقت المهدور فى إظهار عيوب الآخرين و السخرية منهم و الشماتة فى موتهم، لو إستخدم فى التركيز على أشياء تعود بالنفع الحقيقي علينا، لكانت مكاسبنا أعظم بكثير من ضجيج لا عائد له غير فوضى العقول، إن أفضل صفات المرء هو تركه ما لا يعنيه.
و أخيراً كن بصمة تضئ عقل إنسان و لا تكن واصياً عليه حتى و إن كان مختلفاً معك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى