قصة من الواقع
ماتت امي….
بقلم الكاتبة /
دكتورة لبني يونس
ماتت وانا في المرحلة الابتدائية
بعد موتها بعدة شهور بابا اتجوز….
كنت بكرهها جدا وكرهته هو كمان
كرهت بابا عشان اتجوزها وكنت رافض دخولها حتي البيت وأهل امي شجعوني علي كرهها وسماع كلام بعض الأقارب ابوك جابلك مرات اب خلي بالك منها …..
وتحذيرات كتير من اني اتقرب منها أو حتي اسمع كلامها أو نصايحها …
الغريب ورغم اللي كنت بسمعه من الأقارب بالحذر منها إن عمرها ما عاملتني بطريقة تضايقني بالعكس أو تزعلني كانت مهمته بيا و بتراعيني طول الوقت زى ما أكون أبنها
عرفت من بابا إنها اتطلقت عشان ماكنتش بتخلف وأنه اختارها عشاني وعشان مش عايز ابن أو بنت ينافسوني ف حبه ليا .
مرت الايام بسرعة غريبة
بابا دايماً كان مشغول ومش فاضي هي اللي دايما موجودة معايا في البيت ومتبعاني .
كل ذكريات الدراسة عبارة عن دخولي البيت، ريحة الأكل اللى بحبه مالية المكان ،
واستقبالها ليا وهي بتضحك و بتسألني عملت إيه النهارده وخدت ايه وقابلت مين ؟!
ردودي كانت سخيفة عليها
لكنها ماكنتش بتزعل مني وتتجاهل سخافتي وتبتسم وتحضر لي الغدا عقبال ما اغير هدومي و أغسل أيدي
عدت سنين الدراسة وبقيت مهندس ناجح
ولسه بكرهها أو اتعودت علي كرهها وعمري ما قلت لها ياماما وعمري ما فكرت انادي عليها أصلاً وانادي عليها ليه وهي طول الوقت ادامي وبتفهمني وبتقراني وكل اللي بعوزه بتعمله !
مات بابا فجأة و فضى البيت عليا و عليها …….
فجأة بابا مات والبيت فضي عليا و عليها و حسيت إن وجودي معاها غلط ومالوش لازمه مع أن الموضوع مافرقش كتير
عن وقت وجود بابا اللى مكنش موجود معظم الوقت ……
قولتلها انا ماشي
وهاسيب البيت هاخد شقة تانية ،
ساعتها شفت في عنيها نظرة حزن مش ممكن انساها
لكنها قالتلي اعمل اللي في راحتك واللي يعجبك بنبرة استسلام .
اخدت شقة فعلا كانت قريبة وفي نفس الحي وابتديت اخد حاجتي من بيت بابا علي دفعات …..
وفي مرة دخلت البيت ملقتهاش موجودة
ودي كانت أول مرة تحصل من ساعة مادخلت بيتنا اني ادخل البيت ملقهاش
شوية ولاقيت الباب بيتفتح و هي داخله شكلها تعبان سألتها مالك سكتت وقالت بخير الحمدلله ، صممت اعرف فيها ايه وبعد إلحاح مني عليها
وبان عليا القلق والخوف عرفت من الورق والروشتات والتحاليل اللي كانو في أيدها
إنها عندها سرطان😭 و بدأت بالفعل رحلة علاج من فترة وإن صحتها بتتدهور.
اللحظه دي كانت فارقة جدا في علاقتي بيها وحسيت بالخوف وإحساس لأول مرة في حياتي احسه
تابعت معاها مواعيد زيارة الدكتور رغم رفضها بشده في البداية لكن بأصرار وتصميم مني وافقت …
وقالتلي كلمة فعلا وجعتني إني مش مضطر أعمل حاجة زى كده عشانها ( أنا مش أمك )💔
كلمة قاسية !
جملة كانت قاسية و رغم تعبها وشدة احتياجها لوجودي ومساعدتها كانت نفسها عزيزة وبتداري عشان ما تحملنيش همها
ومقدرتش تقاوح كتير.
روحنا للدكتور واتكررت الزيارات للدكاترة وجلسات العلاج وتدهور حالتها بيزيد لحد ما ف يوم جالي تليفون من جارتنا إنها اتنقلت للمستشفى جريت عليها و لأول مرة أفكر إنها ممكن تموت واتحرم منها وانا اللي ماليش في الدنيا بعد ربنا غيرها ….
واول ما استقرت حالتها وقدرت أدخلها وأول ما عيني جت في عينها وقعت عليها ولاقتني منهار وبقولها جملة واحدة بس:
(أنا معرفش غيرك ام
في الدنيا ومش عايزك تسبيني وتموتي)
شفت ف عينيها نفس النظرة اللى شفتها يوم لما سيبت البيت فيها حزن بس المرة دي كانت مع ابتسامة ابتسامة باهتة ووعد منها أنها عمرها ما هاتفارقني وأنها هتفضل معايا.
ليلتها سهرنا للصبح ف أوضة المستشفى نتكلم و نفتكر مواقف ونضحك شوية وساعات نحكي ونفتكر ناس فارقناهم ونبكي
حسيت ساعتها أنها كل عيلتي ومش بس امي
ماكنش ليها غيري وانا كمان ماعرفش في الدنيا غيرها
ليلتها سهرنا للصبح ف أوضة المستشفى نتكلم و نفتكر مواقف ونضحك شوية وشوية نحكي ونفتكر ناس فارقناهم ونبكي
حسيت ساعتها أنها كل عيلتي ومش بس امي
ماكنش ليها غيري وانا كمان ماعرفش في الدنيا غيرها
بس انتهبت
اننا بنعيش مشاعر وأحاسيس مش بتعتنا احاسيس فرضتها علينا عادات وتقاليد مجتمع حكم عليها مسبقا وفرضها علينا نعيشها زي ماهو عايز وزي ماهو شايفها
لو ماكنش اللي حواليا وانا طفل زرعو فيا مشاعر مسبقة بالكراهية كان ممكن كل السنين دي عشت معاها حياة أفضل ليا وليها
لكن للاسف
المجتمع والناس حوالينا بتفرض علينا ازاي نتعامل والمفروض نحب مين ونكره مين
لما امي ماتت وكنت طفل صغير مش فاكر معظم تفاصيل حياتي معاها لكن عشت حزين جدا علي فراقها
عشت محروم في الوقت اللي كان فيه ادامي ام بمعني الكلمة وعمرها ما قصرت في حقي عاشت معايا عشرين سنه
لكن الأفكار والعادات الغلط خلتني اخد منها موقف مسبق
و لازم اعيش حزين علي اامي واحب بابا اللي مش فاكر غير أنه كان طول الوقت غايب
ليلتها بس حسيت إني عمري ما كنت محروم من آلام !
أنا بس كنت غبي ومش فاهم ومش عايش الواقع ولا حاسس بيه و متساق للمجتمع اللى فرض عليا أحب مين وأكره مين ….
صحتها اتحسنت وخرجنا
من المستشفى و رجعنا البيت ورجعت اعيش معاها و كملنا جلسات العلاج
قربنا من بعض اكتر أو بمعني آخر أنا سيبت مشاعري و نفسي أقرب منها وهي طول عمرها قريبة مني .
عرفتني علي حبيبتي وخطبتهالي و حددنا ميعاد الجواز كانت بتعمل كل حاجة وبتحضر لي كل حاجة بين جلسات العلاج وزيارات الدكتور مبتقفش…..
وفي يوم تاني بعد كام سنة
جالي نفس التليفون جريت على المستشفى بس بخوف اكبر من المرة اللي فاتت
دخلت عليها و طلبت مني إني أحلها من الوعد اللي وعدته ليا لإنها تعبت ومحتاجة خلاص ترتاح ومش هاتمشي إلا لما اسمحلها ،،،
رميت نفسي ف حضنها لأول مرة في حياتي وبكيت بكاء انسان بيفقد كل عيلته
وحليتها من وعدها.
ماتت بعدها بيومين ….
واتجوزت أنا بعد موتها بشهرين..
بعد سنة كان معايا بنوتة شايلة إسمها إسمها اللى ماكنتش بناديها بيه بقيت بنادي عليه طول اليوم.
بلاش نعيش حياة ومشاعر اتفرضت علينا
عيشوا الحياه اللي نفسكم تعيشوها
وبس ،