الدكروري يكتب عن آثار التكبر والغرور بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الجمعة الموافق 29 ديسمبر
الحمد لله الحكيم العليم، دبّر بحكمته شؤون العباد، وأوضح بفضله سبيل الرشاد، أحمده سبحانه وأشكره، على نعمه وآلائه التي تزداد وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، تنزّه عن الأشباه والأنداد، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله، أفضل نبي وخير هاد صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه، الذين نهجوا طريق السداد، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المعاد أما بعد، لقد حذرنا الله عز وجل من التكبر والغرور وإن من آثار الكبر هو أن يتكبر الرجل على أهله فلا يتعاطى شغلا في بيته، وخاصة اذا طلب منه ذلك ترفع وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها “كان في مهنة أهله” يعني في خدمتهم ومعاونتهم، وروي عن عمر بن العزيز رحمه الله تعالى.
أنه أتاه ليلة ضيف وكان يكتب، فكاد المصباح أن يطفأ، فقال الضيف أقوم إلى المصباح فأصلحه، فقال ليس من كرم الرجل أن يستخدم ضيفه، قال أفأنبه الغلام؟ أي الخادم، فقال عمر هي أول نومة نامها، فقام وملأ المصباح زيتا، فقال الضيف قمت أنت يا أمير المؤمنين؟ فقال ذهبت وأنا عمر، ورجعت وأنا عمر، ما نقص مني شيء، وخير الناس من كان عند الله متواضعا، وكما أن من آثار الكبر هو لبس بعض الرجال خاتم من ذهب أو ساعة فيها ذهب، أو نظارات فيها ذهب،أو جنبية فيها ذهب فاسمع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حين رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فرماه، ثم قال “يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده” وإن المتكبرين هم أهل النار وحطامها، والكبر مختص بالله وحده.
فويل لمن أراد أن يكون شريكا لله بصافته، وهذه المنازعة قد تسبب العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خُسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة” أي هو يغوص فيها والعياذ بالله، والجزاء من جنس العمل، وكذلك يوم القيامة سيكون جزاء المتكبرين بأن يحشروا أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال، فهذا جزاء التكبر، الذل والصغار والإهانة والاحتقار يوم القيامة، والمتكبر متوعد بعدم دخول الجنة، وما عصى إبليس ربه وهو أول العاصين، إلا لما استقر في قلبه من الكبر بل إن الكبر أشر وأخطر من الشرك.
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله التكبر شر من الشرك، فإن المتكبر يتكبر عن عبادة الله تعالى، والمشرك يعبد الله وغيره، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخشي على أمته الفقر، وإنما خشي أن تبسط عليهم الدنيا فيلتهوا بها، ويتنافسوا عليها، ويهلكوا بسببها، ولقد كان السلف الصالح وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على تنقية أموالهم من الحرام، وإبعاد أجسادهم وأهليهم عن التغذي والاستمتاع بالحرام، وأورعهم عما اشتبه وجُهل وحصلت فيه ريبة، وقد ضربوا لمن بعدهم أعجب وأوعظ الصور والعبر في ذلك، حتى إن صديق الأمة أبا بكر رضي الله عنه أخرج من بطنه طعاما دخل إليه من كسب فيه مخادعة، وكسبه غيره، وهو جاهل عنه.