عاش زعماء الفراغ……..

عاش زعماء الفراغ
كتب / يوسف المقوسي
يخرج العرب من التاريخ محمولين على طوفان من دمائهم نتيجة غربة أنظمتهم الحاكمة عن العصر وعن مطامح شعوبهم وحقوقها في أوطانهم… ولا يرف جفن لأي من أقطاب الطبقة السياسية في فلسطين ، على اختلاف توجهاتهم، تهيباً وخوفاً، بل يستمرون جميعاً في ممارسة ترف الحياة خارج واقع «رعاياهم»، وخارج منطق التحوط بالاندفاع إلى حفظ «السلطة» بأي ثمن!
ليست إهانة القول ان هذه الطبقة السياسية تعيش خارج الزمان، وتشغل الناس المثقلين بهمومهم بمعارك وهمية حول مناصب كانت ترتبط ـ دائماً ـ بالمقادير وبمصالح «الدول» البعيدة والأبعد عن هموم «الرعايا».
تحاصر نيران الحروب، أهلية/ عربية/ من جهاتها كافة، وفيها ومعها العدو الإسرائيلي، وتمضي الطبقة السياسية في ارتكاب فضائحـها واثقـة من ان لا حساب ولا من يحاسبون.
يدفع الفلسطينيون الثمن باهظاً، في حياتهم اليومية كما في طموحهم إلى مستقبل أفضل، نتيجة اختلال مؤسسات «السلطات الحاكمة» بل تهالكها بالتعطيل المقصود لمؤسساتها… وتستمرئ الطبقة السياسية الفراغ فتضع يدها على ما تبقى من موارد السلطة، وتزيد من عبثها بركائز الاستقرار عبر معارك وهمية لا تنتهي بشعارات تنظيمية تأخذ إلى الفتنة… والفتنة، بشهادة السوابق، تدر استثمارات مجزية وزعامات مقدسة حتى العصمة!
يعطلون السلطة ثم يشكون من الفراغ. يمتنعون عن إكمال النصاب، ثم يبكون «المقعد الشاغر لفلان». يسيّرون مصالحهم «بالاستثناء لمرة واحدة» تمتد حتى تصبح قاعدة لاستمرارهم في الانتفاع بالفراغ.
كل انتخاب معطل. كل تجديد للدم في مواقع الإدارة العليا محرم.
لكأن البلاد بلا شعب. لكأن السلطة مجموعة إقطاعيات يتوزعونها «تكريسا للإنقسام»، بينما يكاد يندثر «الوطن» الذي يغادره المزيد من شعبه، وبالذات من أبنائه الأكفاء كل يوم.
عشتم، وعاشت فلسطين بنظامها الفريد وطبقتها السياسية متعددة الأحزاب… فلسطين التي قادتها وسياسييها من خارج هذا العالم أو هكذا يُراد له أن يكون… وعاش زعماء الفراغ.