مقال

نفحات إيمانية ومع دعائم الأمن والاستقرار ” جزء 8″

نفحات إيمانية ومع دعائم الأمن والاستقرار ” جزء 8″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع دعائم الأمن والاستقرار، فإحساس الإنسان بأنه مسؤول عن بني جنسه الذين يعيشون معه، وانه مسؤول عن الأرض التي يعيش عليها، والمناخ الذي يتنفس منه، وانه مسؤول حتى عن الحيوان والجماد يجعله عنصرا إيجابيا للمجتمع يدرك المخاطر التي تهدد أبناء جنسه والأضرار التي تلحق بالأرض والبيئة والحيوان والنبات، فالإحساس بالمسؤولية يولد لدى الإنسان شعورا بأن كل شيء من حوله هو مسؤول عنه، فهو مسؤول عن الأرض التي يعيش عليها والتي بدونها لايستطيع أن يحيا، كذلك الأمر بالنسبة إلى الهواء والماء والتراب والإنسان والحيوان والنبات وكل شيء، وقد عمل الإسلام على إيجاد هذا الإحساس في الإنسان المسلم.

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”أما علي بن أبي طالب رضى الله عنه فقال مخاطبا المسلمين “اتقوا الله في عباده وبلاده فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم” وهكذا يتبين لنا ان دائرة المسؤولية تتوسع لتشمل حتى البهائم والبقاع وهي الأراضي المتروكة التي تنتظر الإعمار، وهذا الحديث يؤكد حجم المسؤولية التي تقع على عاتق الإنسان باعتباره خليفة الله على الأرض حيث قال الله عز وجل “وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة” فالإنسان وبما أنه خليفة الله على الأرض فهو يتحمل مسؤولية كبيرة إزاء ما في الأرض وما عليها وحتى الذي في أعماقها ولا يمكن إداء هذه المسؤولية إلا في ظرف يسوده الأمن والاستقرار.

 

ولابد من إيجاد هذا الظرف لتسهل المهمة أمام الإنسانية في عمارة الأرض وإنشاء المدن والحضارات البشرية، وفوق كل ذلك الإسلام يبني لنا الإنسان المسؤول القادر على تحمل أعباء المسؤوليات الجسام وهو الذي يتصف كما ورد في حديث المعراج ” كثير حياؤهم قليل حمقهم كثير نفعهم قليل مكرهم، الناس منهم في راحة وأنفسهم منهم في تعب، كلامهم موزون محاسبين لأنفسهم متعبيبن لها” وهم الذين يتحملون أعباء المسؤوليات الجسام عن طيب خاطر حيث قيل “خير الناس من تحمل مؤونة الناس” فالمؤمن كتلة من الخيرات، يبادر لعمل الخير بدون إيعاز من أحد فقيل “بادروا بعمل الخير قبل أن تشتغلوا عنه بغيره” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من فتح له باب خير فلينتهزه فإنه لايدري متى يغلق عنه”

 

وقال صلى الله عليه وسلم أيضا “إن الله يحب من الخير ما يعجل” فشعوره بالمسؤولية جعله حساسا إلى ابعد الحدود، يسارع لعمل الخير قبل الآخرين لايؤجل عمل الخير خشية انشغاله عنه بأمور أخرى، ومن خصائص الإنسان المسؤول هو الإنفاق فيده مبسوطة بالعطاء لا يتباطأ في تقديم العون لمن يحتاج، وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء “خير الأيدي المنفقة” وعندما يقوم هذا النموذج الصالح المسؤول في المجتمع يصبح المجتمع الإسلامي مجتمعا خيرا ورسولا للسلام والأمن، ليس فقط على أرض الإسلام بل على جميع البقاع والأقطار، وإن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يربطان أي عامل من العوامل التي تجعل الإنسان قلقا بشأنها بقوة العقيدة.

 

وسلامة الإيمان ونقاوته، ولن يمر بالقارئ في كتاب الله آية، أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث، إلا ويجد فيها علاجا مُريحا يزيل عن النفس كابوس القلق، كما يجدد في النفس الوسائل الكفيلة لتحقيق الأمن والاستقرار في كل جوانب الحياة، وما نراه من تدهور في بعض الجوانب من أحوال المسلمين، واستحالة حل كثير من مشاكلهم، إنما يعود إلى المسافة الكائنة بينهم وبين شرع الله عز وجل منهجا وسلوكا، والمتتبع لفضل الإيمان الصحيح على أهله، يدرك أن ثماره لا تقع تحت حصر، بشرط صحته، وأن فريقا من الناس يُضحي بكل ما يملك في سبيل أذى المسلمين وشلّ قواهم، وقد سبّبوا في صدر الدعوة متاعب شتى للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى