مقال

نفحات إيمانية ومع أول رجل سل سيفه فى الإسلام ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع أول رجل سل سيفه فى الإسلام ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع أول رجل سل سيفه فى الإسلام، وقد وصف الزبير بن العوام ما فعله أبو دجانة يوم أحد فقال، وجدت في نفسي حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة وتركني، والله لأنظرن ما يصنع، فاتبعته، فأخرج عصابة له حمراء فعصب بها رأسه، فقالت الأنصار أخرج أبو دجانة عصابة الموت، وهكذا كانت تقول له إذا تعصب، فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله، وكان من المشركين رجل لا يدع جريحا إلا ذفف عليه، فجعل كل منهما يدنو من صاحبه، فدعوت الله أن يجمع بينهما، فالتقيا فاختلفا ضربتين، فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته فعضت بسيفه، وضربه أبو دجانة فقتله، ثم رأيته قد حمل السيف على مفرق رأس هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها.

 

فقلت الله ورسوله أعلم، وقال أبو إسحاق، قال أبو دجانة رأيت إنسانا يحمس الناس حماسا شديدا، فصمدت له، فلما حملت عليه السيف ولول، فإذا امرأة، فأكرمت سيف رسول الله أن أضرب به امرأة، وعن هشام، عن أبيه، قالت السيدة عائشة رضى الله عنها يا بن أختي كان أبواك، يعني الزبير وأبا بكر، وقرأت قول الحق سبحانه وتعالى من سورة آل عمران من “الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح” ولمّا انصرف المشركون من أحد، وأصاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ما أصابهم، خاف أن يرجعوا، فقال من ينتدب لهؤلاء في آثارهم، حتى يعلموا أن بنا قوة، فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين، فخرجوا في آثار المشركين، فسمعوا بهم فانصرفوا.

 

وهنا يقول الله تعالى فى سورة آل عمران ” فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ” ولم يلقوا عدوا، ولما استشهد أسد الإسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه في أحد جاءت أم الزبير صفية بنت بعد المطلب لتنظر إلى أخيها وقد مثل به المشركون، فجدعوا أنفه، وبقروا بطنه، وقطعوا أذنيه ومذاكيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لابنها الزبير بن العوام ” القَها فأرجعها، لا ترى ما بأخيها” فقال لها يا أمه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأمرك أن ترجعي، قالت ولم؟ وقد بلغني أنه قد مثل بأخي، وذلك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله، فلما جاء الزبير بن العوام رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك.

 

قال صلى الله عليه وسلم ” خلّ سبيلها ” فأتته، فنظرت إليه، فصلت عليه واسترجعت، واستغفرت له، وجاء في رواية عن عروة قال أخبرني أبي الزبير، أنه لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى، حتى إذا كادت أن تشرف على القتلى، قال فكره النبي صلى الله عليه وسلم، أن تراهم، فقال ” المرأة المرأة ” قال الزبير، فتوسمت أنها أمي صفية، قال فخرجت أسعى إليها، فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى، قال فلدمت في صدري، وكانت امرأة جلدة، قالت إليك، لا أرض لك، قال فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عزم عليك، قال فوقفت، وأخرجت ثوبين معها، فقالت هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فإذا إلى جانبه رجل من الأنصار قتيل، قد فعل به كما فعل بحمزة.

 

قال فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين، والأنصاري لا كفن له، فقلنا لحمزة ثوب، وللأنصاري ثوب، فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقرعنا بينهما، فكفنا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له، ولقد كان الزبير بن العوام رضي الله عنه نموذج فذ في تجسيد هذه المعاني، فقد تربى في أحضان الدعوة، على يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتلقى الجرعات المطلوبة لتحمل أعبائها منذ شبابه الباكر، وإن موقف الزبير بن العوام رضى الله عنه، في غزوة الأحزاب يصور لنا شخصيته ونشأته على الجرأة والنصرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الخندق ” من يأتينا بخبر بني قريظة؟” فقال الزبير أنا، فذهب على فرس، فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية، فقال الزبير أنا، فذهب، ثم الثالثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” لكل نبى حوارى، وحوارى الزبير”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى