نفحات إيمانية ومع أبان بن سعيد “جزء 4”

نفحات إيمانية ومع أبان بن سعيد “جزء 4”
بقلم / محمـــــد الدكــــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع أبان بن سعيد، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديبيه وبعث عثمان بن عفان إلى أهل مكة، فتلقاه أبان بن سعيد فأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هدنة الحديبية، فأقبل خالد وعمرو ابنا سعيد بن العاص من أرض الحبشة في السفينتين، وكانا آخر من خرج منها، ومع خالد وعمرو أهلهما وأولادهما، فلما كان بالشيغيبة أرسلا إلى أخيهما أبان بن سعيد وهو بمكة رسولا وكتبا إليه يدعوانه إلى الله وحده وإلى الإسلام فأجابهما، وخرج في إثرهما حتى وافاهما بالمدينة مُسلما، ثم خرجوا جميعا حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخيبر سنة سبع من الهجرة.
وقد أسلم بعد أخويه خالد وعمر، وإن مهاجرة الحبشة هم السابقون إلى الإسلام، ولم يهاجر أبان إلى الحبشة، وكان أبان شديدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وكان سبب إسلامه أنه خرج تاجرا إلى الشام، فلقي راهبا فسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إني رجل من قريش، وإن رجلًا منا خرج فينا يزعم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله مثل ما أرسل موسى وعيسى، فقال ما اسم صاحبكم؟ قال محمد، فقال الراهب، إني أصفه لك، فذكر صفة النبي الكريم محمد الله عليه وسلم، وسنه ونسبه، فقال أبان هو كذلك، فقال الراهب، والله، ليظهرن على العرب، ثم ليظهرن على الأرضِ، وقال لأبان، اقرأ على الرجل الصالح السلام.
فلما عاد إلى مكة سأل عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يقل عنه وعن أصحابه كما كان يقول، وكان ذلك قبيل الحديبية، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى الحديبية، فلما عاد عنها تبعه أبان فأسلم وحسن إسلامه، وكانت وقعة مرج الصّفر في صدر خلافة عمر سنة أربع عشرة من الهجره، وكان الأمير يوم مرج الصّفر هو خالد بن الوليد، وكان بإجنادين أمراء أَربعة، وهم أَبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أَبي سفيان، وشرحبيل ابن حسنة، وكل على جنده، وقيل، إن عمرو بن العاص كان عليهم يومئذ، وكان أبان أحد من تخلف عن بيعة أبي بكر لينظر ما يصنع بنو هاشم، فلما بايعوه بايع.
ولما صدر الناس من الحج سنة تسعه من الهجره، فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبان بن سعيد بن العاص إلى البحرين عاملا عليها، فسأله أبان أن يُحالف عبد القَيس فأذن له في ذلك، وقال يا رسول الله اعهد إِلَىّ عهدا في صدقاتهم وجزيتهم وما تجروا به، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يأخذ من المسلمين ربع العشر مما تجروا به، ومن كل حالم من يهودي أو نصراني أو مجوسي دينارا الذكر والأنثى، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام، فإن أبوا عرض عليهم الجزية بأن لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم، وكتب له صدقات الإبل والبقر والغنم على فرضها وسُنتها.
كتابا منشورا مختوما في أسفله، قال عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جَهم، قال خرج أبان بن سعيد بن العاص بلواء معقود أبيض وراية سوداء يحمل لواءه رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أشرف على البحرين تلقته عبد القيس حتى قَدم على المنذر بن ساوى بالبحرين، قال استقبله المنذر بن ساوى على ليلة من منزله معه ثلاثمائة من قومه، فاعتنقا ورحّب به وسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحفى المسألة فأخبره أبان بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إياه، وأنه قد شفعه في قومه، وأقام أبان بن سعيد بالبحرين، يأخذ صدقات المسلمين وجزية معاهديهم، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخبره بما اجتمع عنده من المال.